القضية الفلسطينية والأمن القومي المصري.. إمكانات توفرها المرحلة
أربعة أيام من المباحثات بين قياديين من حركة «حماس» والجانب المصري، انتهت يوم الثلاثاء 15/3/2016. وهي المباحثات الأولى من نوعها بين الطرفين، بعد قطيعة تلت الحراك الجماهيري المصري في 30/6/2013، والتي انتهت بخلع «الإخوان المسلمين» عن السلطة في مصر.
تمثلت آخر نقاط التوتر بين «حماس» ومصر، باتهام شبه رسمي من قبل القاهرة للحركة بالوقوف خلف اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات. الاتهام الذي جاء بعد تسعة أشهر من الاغتيال، وقبل أيام من دعوة تلقتها الحركة من قبل المخابرات المصرية لعقد محادثات استمرت 4 أيام، و«سادها جو من المسؤولية والشفافية» حسب وصف الحركة.
حسابات الجانبين.. لا عقبات تذكر
تناولت المحادثات جانبين رئيسيين، أولهما أمني- اقتصادي، أي بحث القضايا المتعلقة بحركة الأفراد والسلع عبر معبر رفح، إضافة إلى مسألة ضبط الحدود المصرية مع القطاع. أما الثاني، فهو سياسي متعلق بملف المصالحة الفلسطينية داخلياً، وموقف «حماس» من تنظيم «الإخوان المسلمين».
تبدو الجوانب التي تناولتها المحادثات وخرجت إلى العلن، بنوداً عريضة أعاد الطرفان وضعها على طاولة البحث مبدئياً، كخطوة أولى، لكن الأهم أنها جاءت في مرحلة حساسة بالنظر إلى التغيرات السريعة في المنطقة.
ويبدو الجانب الأول- المتعلق بالأمن على الحدود وفتح المعبر- قضايا ممكنة الحل، كونها مسائل لوجستية تتطلب إرادة الطرفين لإنجازها لا أكثر، أما الجانب السياسي من القضايا العالقة فهو أكثر تعقيداً بحكم توجهات «حماس» خارجياً، والقصد هنا تركيا وإيران «المنافسين لمصر إقليمياً»، وعليه، فإن النقاشات بين «حماس» والجانب المصري ستتطور بقدر التنسيق الجدي، والنتائج الملوسة لأي تنسيق مفترض لاحقاً، فيما يخص موقف الحركة من «الإخوان المسلمين»، أو شكل علاقة «حماس» مع تركيا بوجه خاص في المرحلة المقبلة.
كيف سيجري التثمير سياسياً؟
يمكن لهذه التحركات من الطرفين أن تكون ترجمة لاستشعار الجانبين التغيرات العامة الحاصلة في المنطقة، وبالتالي محاولة التماهي مع هذه التغيرات، لكن فهماً عميقاً لميزان القوى الناشئ والآخذ بالتبلور يعني بالضرورة وضع القضايا آنفة الذكر جميعها، في إطار الحل بخطوات حثيثة تخدم القضية الفلسطينية من جهة، والأمن القومي المصري من جهة أخرى، آخذين بعين الاعتبار أن مجاراة الموازين الإقليمية على أساس التراجع الأمريكي وتراجع حلفائه من خلفه، بما فيهم الكيان الصهيوني وتركيا، يسمح اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحقيق مكاسب حقيقية للشعبين الفلسطيني والمصري.
أما في حال اقتصار الترتيبات الأخيرة على تموضعات سياسية، وانتظار جلاء الصورة عن ملفات عديدة في المنطقة، فإن ذلك يعني تفويت الطرفين لفرصة مهمة، من شأنها تصفير جزء من المشاكل، يسبق التفرغ والاستدارة نحو القضايا الأكثر إلحاحاً، والمتمثلة بتحرير الأراضي المحتلة في فلسطين، وإحداث تغييرات جدية في الداخل المصري على الصعيدين الاقتصادي الاجتماعي، والوطني.