رسالة من التيار اليساري العراقي إلى أعضاء المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي
الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء، ينعقد المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي والعراق يرزح تحت الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية الاثنية، والأصوات المرتفعة الداعية إلى تمزيق الوطن إلى فيدراليات تمهيدا لانجاز مشروع بايدن القاضي بتقسيم العراق، كمدخل لإعادة رسم خارطة المنطقة العربية على شكل دويلات طائفية. وينعقد مؤتمركم والشعب العراقي يعاني من الجوع والفقر، إذ تقوم الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة بأكبر عملية نهب وفساد في التأريخ الحديث، فقد تكونت طبقة طفيلية تهيمن على ثروات البلاد بحماية المحتل الناهب الأكبر للثروات الوطنية، بالمقابل تعاني الطبقة العاملة العراقية والفلاحين وعموم الشعب من القهر والجوع، ناهيكم عن الانعدام الكامل للخدمات الأساسية وتردي الزراعة والصناعة الوطنية والتعليم والصحة.
أيتها الرفيقات ... أيها الرفاق
لسنا بصدد الإطالة في توصيف الوضع الكارثي الراهن، فأنتم تعيشونه وتعانون منه باعتباركم بنات وأبناء الشعب العراقي، ولكننا نرى في هذا الإيجاز التأكيد على المهام الجسيمة الملقاة على عاتق المؤتمر، فالجماهير الشعبية العراقية المحتجة في ساحات وشوارع المدن العراقية تترقب أعمالكم وما يمكن أن تقدموه من نهج لإنقاذ الوطن والشعب من الاحتلال والنظام الطائفي الأثني الفاسد.
أيتها الرفيقات... أيها الرفاق
إذا كانت وحدة الشيوعيين العراقيين ضرورة دائمة فاليوم هي ضرورة قصوى، وليس أمامنا باعتبارنا رفاق القادة الخالدين الشهداء فهد وسلام عادل وحسن سريع وخالد احمد زكي ومحمد الخضري وعلي جبار وأم علي وستار غانم ووضاح حسن.... وآلاف الشهداء الذين قدموا حياتهم فداء على الطريق الكفاحي الطويل من أجل وطن حر وشعب سعيد، ليس من خيار سوى وحدتنا في مواجهة القوى الرجعية، إيفاء لعهدنا بأننا عن الدرب الذي اختطه الشهداء الخالدين سوف لن نحيد.
إننا نتطلع إلى المؤتمر الوطني التاسع باعتباره محطة تاريخية تعيد للحزب الشيوعي العراقي دوره الطبقي والوطني، ليتقدم صفوف الجماهير في معركة الخلاص من الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية الاثنية وإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية وجمهورية العدالة الاجتماعية.
عندها سنكون جنودا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي لا نطمح سوى لشرف المساهمة في مسيرة حزبنا الشيوعي العراقي الوطنية التحررية المعمدة بدماء الشهداء .
إن المبادئ الثورية لا تتغير، وإن تتمظهر بأشكال متنوعة حسب الظرف التاريخي الملموس، فالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والاشتراكية، مبادئ وأهداف إنسانية خالدة، ترفض استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، أما انتقال البعض إلى الضفة الطبقية المعادية، بشعار مزيف، يطلق عليه زورا الليبرالية الجديدة، فيعكس تغييرهم هم لا تتغير المبادئ، إننا نؤمن بأن تواصل الذاكرة الثورية بين أجيال الشيوعيين، الذاكرة المعمدة بدماء الشهداء، هي من سيخاطب عقول الشبيبة الجديدة لا الدعاية الديماغوجية، وكما العدو الطبقي لا ينسى تأريخه الأسود، بل يفاخر بجرائمه بحق العمال والفلاحين وعموم الطبقات الكادحة، فمن باب أولى، علينا أن نتمسك بتاريخيها الكفاحي المشرف، ولنا في كلمة الشهيد الخالد سلام عادل خير مثال ودليل على ما ذهبنا إليه، حيث خاطب الشعب العراقي قائلا: لقد عرف عراقنا منذ القديم بأنه أرض العزة والكرامة ووطن الأفذاذ من رجال الحرية ورواد الفكر، وعرف شعبنا العراقي منذ القدم، بأنه الشعب الذي استعصى على طغيان الحكام وبطش الولاة، وبربرية الغزاة.فمنذ قرون، وثورات الجماهير وانتفاضات عبيد الأرض، تشتعل على أرض العراق .. في سهول الجنوب وعلى ذرا كردستان. لقد هزم الباطل في العراق مرة بعد أخرى، وأخفقت على مر الأزمان، كل السياسات التي أريد بها لهذا الشعب أن يستكين ويخضع، ويحني هامته تحت وقع سياط الغزاة والمعتدين. لقد ظل هذا الشعب أميناً لأمجاده التاريخية ولتقاليده النضالية. ومن جيل إلى جيل كانت راية النضال تنتقل، وحولها يتساقط الشهداء. واليوم إذ يجهز الاستعمار الجديد بكل قوته وبمعونة أشر عملائه على الوطن والشعب، محاولا أن يطفئ جذوة الحرية في عروقه ويسخر من تاريخه، تنبري من بين الصفوف، كما انبرت في السابق، طلائع الأحرار من أبناء العراق، فتنزل إلى ساحة الصراع قوية واثقة من نفسها، أمينة على تاريخ الوطن وتقاليد الأسلاف، مصممة تصميما لا رجعة فيه على دك صرح السياسة المعادية للشعب، ورد كرامة الوطن الجريح. إن الشيوعيين العراقيين، الذين يحملون في قلوبهم آمال الأمة، ويجسدون في عملهم الكفاحي وفي ميزتهم الثورية أفضل سجايا المواطن العراقي الباسل الشهم، سيتابعون إلى النهاية رسالتهم التاريخية التي وهب حياته ثمنا لها قائدهم ومؤسس حزبهم الشهيد يوسف سلمان يوسف - فهد- ورفيقاه حازم وصارم،حين اعتلوا أعواد مشانق الاستعمار البريطاني من اجل حرية العراق . ومئات القوافل من الشهداء، سيظل الشيوعيون العراقيون يتابعون سيرهم الدائب النشيط في الدرب المقدس الذي سلكه من قبلهم شعلان أبو الجون، والحاج نجم البقال، والخالصي والشيرازي وشيخ محمود ابو التمن وحسن الأخرس ومصطفى خوشناو ..سيظلون كما خبرهم الشعب أيام المحن، رجالا متفانين لا يعرفون الخور ولا التردد، أسخياء في البذل والتضحية، لا يضنون بحياتهم وحريتهم وأعز ما يملكون في سبيل حرية الشعب وعزة الوطن. إن عقرب الزمن يشير إلى نهاية حكم الاحتلال وعملائه وشيكة لا محالة. إن آفاق المستقبل القريب مفعمة بالأمل وأمام القوى الوطنية أن تعالج الموقف بيقظة تامة وبروح واثقة مقدامة ..وأن أقصى ما يكافح حزبنا من أجله هو أن يحقق التزاماته التي قطعها لجماهير الشعب، وأن يبرر الثقة العظمى التي وضعتها فيه، وأن ينهض بقسطه في هذا الواجب التاريخي النبيل.> بعد اقل من عامين على كلمة القائد الثوري الشهيد الخالد سلام عادل هذه، فجر الشعب العراقي ثورته الخالدة، ثورة 14 تموز 1958 ليطيح بالحكم الملكي العميل ويحرر العراق من ربقة الاستعمار البريطاني، ثورة حققت منجزات كبرى للشعب والوطن . وهاهو شعبنا العراقي البطل يكافح ضد المحتل الأمريكي، بعد أن توهمت طغمة البيت الأبيض اليمينية الصهيونية إمكانية تحويل العراق منطلقا لمشروعها الاحتلالي التقسيمي في المنطقة العربية.
أيلول 2011
التيار اليساري الوطني العراقي- اللجنة القيادية
العراق المحتل