«THAAD»: عين واشنطن على شرق آسيا
وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام عدة، اتفقت كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة على بدء مفاوضات رسمية حول نشر الولايات المتحدة لنظام «ثاد» الصاروخي في كوريا الجنوبية. كما تخطط قوات مشاة البحرية الأمريكية المشاركة في مناورات عسكرية مشتركة في كوريا الجنوبية الشهر القادم.
يتخذ الصراع في شرق آسيا منحى تصعيدياً واضحاً، تجلى في الأيام القليلة الماضية بقيام الولايات المتحدة الأمريكية باستغلال واضح للتضخيم الإعلامي الذي دار حول قيام كوريا الديمقراطية بـ«تجربة قنبلة هيدروجينية»، بهدف تمرير ما يمكن الاستناد إليه في نقل إحداثيات الصراع الدولي نحو شرق آسيا.
في هذا السياق، يؤكد شيه ليانغ، الخبير في أكاديمية العلوم العسكرية الصينية، أن لدى كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية «ميل لتكثيف العمل العسكري ضد كوريا الشمالية.. وتعتبر المناورات العسكرية المشتركة التي تخطط الولايات المتحدة لإجرائها في شبه الجزيرة الكورية ونشر لنظام «ثاد» الصاروخي في كوريا الجنوبية خطوات أكبر بكثير من مجرد احتواء لكوريا الديمقراطية».
محاولة لحماية الهيمنة الأمريكية
رأى ليانغ، في مقال نشرته صحيفة «الشعب» الصينية، أن «دخول نظام «ثاد» الصاروخي إلى كوريا الجنوبية هو الأول من نوعه لنظام «ثاد» الكامل خارج الولايات المتحدة، مما يجلب تحديات كبيرة للتوازن الاستراتيجي الإقليمي والأمن الاستراتيجي الصيني. فالنظام هو جزء مهم من برنامج الدفاع الصاروخي الأمريكي، وهو منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض- جو.. يمكنه اعتراض الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى داخل وخارج الغلاف الجوي، وتصل الفعالية التشغيلية له إلى ما بين 40 إلى 150 كيلومتراً. وبعد أن تم تجهيز النظام برادار «أكس- باند»، سيصل نطاق التغطية إلى 2000 كيلومتر، وقد يصل حتى المناطق النائية في آسيا، وذلك لا يضر بالمصالح الأمنية الاستراتيجية للصين فحسب، بل بكل الدول الأخرى في آسيا أيضاً».
وفي رد على الادعاءات التي ترى أن نشر الولايات المتحدة لنظام «ثاد» هو رد على إجراءات كوريا الديمقراطية، جزم يانغ: «استخدام الولايات المتحدة لهذا النظام الصاروخي في تعاملها مع كوريا الشمالية مبالغ فيه للغاية. حيث أن كوريا الشمالية ليس لديها بيئة وأهداف كبيرة يمكن الكشف عليها، وليس لديها مجموعة واسعة تستحق التغطية، لكن ما هو واضح للناس جميعاً أن هناك دوافع خفية خلف نشر الولايات المتحدة لهذا النظام في شبه الجزيرة الكورية، وأن حجة التصدي لتهديد الصواريخ البالستية الكورية الشمالية ما هو إلا ذريعة، وإنما الغرض الأساسي هو احتواء الصين، وردع روسيا، وحماية الهيمنة الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ».
«ناتو» مصغر..!
بما يشي أن تحرك واشنطن هو أبعد من مجرد تكتيكات وقائية، كتب يانغ: «بعد نشر نظام «ثاد» الصاروخي في كوريا الجنوبية، ستملك القوات الأمريكية شبكة مزدوجةً مضادة للصواريخ أرض- بحر، المكونة من صواريخ «باتريوت3» وسفينة «ايجيس» و«ثاد»، وتحقيق الحلم الأمريكي في شمال شرق آسيا، بالقدرة على اعتراض العديد من الأهداف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.. نظرياً، القدرة على اعتراض أي رؤوس حربية يعادل رخصة تقدم للولايات المتحدة لشن ضرباتها العسكرية، دون الخوف من الانتقام، مما يؤدي إلى خلل التوازن الاستراتيجي الأمني في شرق آسيا. وبالرغم من أن الولايات المتحدة تتحدث عن أن نظام (ثاد) الصاروخي هو نظام دفاعي، ولكن لا شك أن لديه قدرات هجومية قوية.. وبعد نشره في كوريا الجنوبية، من المرجح أن تكون الخطوة التالية ربط النظام مع نظام الدفاع الصاروخي الياباني، وبحكم الأمر الواقع، تصبح الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان «ناتو مصغر»، مما يهدد التوازن الإقليمي القائم».
«على واشنطن التصرف بحذر»
في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الصيني، وانغ لي، على هامش لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، خلال انعقاد مؤتمر الأمن في ميونخ، معارضة الصين للنشر المحتمل لمنظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي «ثاد» في كوريا الجنوبية، مؤكداً أن «نشر الولايات المتحدة للمنظومة.. يتجاوز بكثير احتياجات الدفاع لشبه الجزيرة الكورية، وسيعني مدى التغطية الخاص بها أنه سيصل إلى عمق القارة الآسيوية». وحث لي الجانب الأمريكي على «التصرف بحذر، وعدم تقويض المصالح الأمنية للصين، أو إضافة تعقيدات جديدة على السلم والاستقرار الإقليميين». وحول إجراءات كوريا الديمقراطية، شدد لي: «ما زال هدفنا المشترك يتمثل في العمل معاً، وإيجاد سبيل لإعادة القضية النووية لشبه الجزيرة الكورية إلى المسار الصحيح للحوار والمفاوضات، وهو ما يتفق تماماً مع مصالح جميع الأطراف، بما فيها الصين والولايات المتحدة».