«TPP»: الرغبة الأمريكية تصطدم بالموازين

«TPP»: الرغبة الأمريكية تصطدم بالموازين

شهدت نيوزيلندا في يوم الخميس 4/2/2016عملية التوقيع على اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ- TPP» من وزراء الدول الـ12 الأعضاء فيها، ليصبح الإقرار النهائي للاتفاقية مرهوناً بتصديق المشرعين في هذه الدول عليها، وهي العملية التي يبدو أنها لن تكون عسيرة.

وفي بيان أصدره مباشرة بعد التوقيع على الاتفاقية، قال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن توقيع «الشراكة عبر المحيط الهادئ» من شأنه أن «يعطي الولايات المتحدة ميزة على الاقتصادات الرائدة الأخرى، وتحديداً الصين»، مضيفاً: «إن الاتفاقية تسمح للولايات المتحدة، وليس لدول مثل الصين، أن تكتب قواعد الطريق الذي سيسلكه القرن الـ21، وهو أمر مهم، خصوصاً في منطقة حيوية مثل آسيا والمحيط الهادئ».

ليست هي المرة الأولى التي يتحدث فيها أوباما بهذا الشكل العلني والفج حول دولة الصين، إذ أن هذه النبرة هي واحدة من محددات ضيق الأفق لدى أحد قادة الولايات المتحدة بوصفها قوة عالمية.

تمثل الدول الأعضاء الـ12 في الاتفاقية نحو 40% من الاقتصاد العالمي، إلا أنها لا تمثل أكثر من 25% فقط من إجمالي التجارة العالمية. وتتضمن الاتفاقية «معايير عالية» اسمية، مثل حصة الشركات المملوكة للدولة، ومعايير لحماية البيئة، وحقوق العمال، وحقوق الملكية الفكرية وغيرها، غير أن السمة البارزة في الاتفاقية، تكمن في تركيزها على الولايات المتحدة، ومصالح الشركات الأمريكية التي أعطيت لها الأولوية القصوى خلال المفاوضات.

ورغم أن الولايات المتحدة كان لها اليد العليا في وضع قواعد وقوانين الاتفاقية، لا تخرج الأخيرة عن إطار الرغبة الأمريكية في قيادة المشهد الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ خلال القرن الواحد والعشرين، وهذا خاضع لضوابط تحكم الصراع الدولي الحالي في طبيعة الأحوال.

وإذا كان واقع التصعيد الاقتصادي ضد الصين وحلفائها هو السائد في الاتفاقية، فإنه من الطبيعي القول أن تلك الاتفاقية لن تكون كافية لتأمين «هيمنة» الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي في القرن الواحد والعشرين. إذ أن الدول الأعضاء في الاتفاقية لديها مصالحها الخاصة، ولا يمكن للاتفاقية أن تمنعهم من التجارة مع الصين، وهذه الدول لم تجبر من بكين على الاختيار بين الصين والولايات المتحدة، لكن واشنطن تدفعهم في هذا الاتجاه، وهو ما يبدو منطقياً بالنظر إلى أن الاتجاه العام للنفوذ الأمريكي في العالم آخذ في الانخفاض، وسيكون الفشل في ربط المزيد من الدول باتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ»، مؤشر جديد على هذا الانخفاض في النفوذ الأمريكي.