حلبة البحرين: فورمولا الجائزة الكبرى لدولة الإرهاب
ربما كانت البحرين في 22 نيسان لأول مرة تستضيف حدثاً رياضياً، يفوح منه زعيق الدم تحت عجلات إرهاب الدولة، صاحبة السرعات العالية في القمع‘ وإراقة الدماء في الشوارع...
تصور مع سائقي السيارات، والجرائم الإنسانية بمحاذاة رصيفك...
حدث ما لم يستطع كتّاب السيناريو في هوليود مقاربته، ولا منتجو الأفلام، جوّ سريالي، حضور متناثر، قليل العدد، رجال القمع الأمني أكثر من هواة السباق، يحرسون الأمير، يؤمنون السكينة بقتل أصوات الحناجر الصادحة بالألم، معظم الفرق والسائقين والمهندسين التزموا بيوتهم، ومع ذلك لم يوقف السباق نحو الإرهاب..
وتم تشويه سمعة الفورمولا 1، ولكن سار السباق إلى النهاية، الذي نال أعلى سخرية في تاريخه.
واعترفت من جانبها وسائل الإعلام الكبرى بالنتائج العكسية على آل خليفة، بدلاً من إزالة الغبار والصدأ عن وجوههم، والصحفيون ركّزوا أكثر على الغضب الشعبي ضد الظلم، والدم الذي يسيل في الشوارع، والعنف الذي تقوم به الشرطة، وقوات الأمن والمصفحات التي (زينت) حلبة السباق، وسحب الدخان الأسود المتصاعد من الشوارع والساحات المحترقة بنيران القهر والظلم في مكان قريب من الحلبة.
وفاز المتظاهرون البحرينيون بالرغم من اكتظاظ المكان بالحراسة المشددة دون وقوع حوادث، وشاهد الملايين حول العالم.
ومن جانبهم أبدى الصحفيون شجاعتهم للتعبير عن الحدث، حيث نقلوا عن نشطاء بأن احتجاجهم من أجل التغيير الديمقراطي. وتحدثت عن الإضراب عن الطعام الذي يستمر به عبد الهادي خواجة لأكثر من شهرين، كما أبلغوا عن مقتل زعيم الاحتجاجات صلاح عباس حبيب بطلقات نارية ملقية اللوم على عناصر الشرطة وفقاً لرأي المعارضين. الذين يتظاهرون من أجل الإصلاحات الديمقراطية منذ اندلاع الثورات في العام الماضي.
صحيفة أخرى ركزت على الحدث في 22 نيسان وضخمته إلى حد كبير، قائلة إن الحدث كان يفتقد إلى سباق الفورمولا الذي لم يكن يرغب به أحد...
ومنبر آخر قد نشر في عناوين أخباره الرئيسية كلمة للناشط علاء الشهابي الذي قال: (هناك عربات مصفحة في مدخل كل قرية، وقد هددت الحكومة بإطلاق النار على كل من يخرج من بيته). وبعد التحدث معها تم احتجازه.. وتساءلت ما الذي يمكن أن يستفاد من سباق في منطقة حرب؟؟.
وكان الكاتب ايان بلاك المحرر في الغارديان قد نشر خبراً معنوناً بـ (سباق الجائزة الكبرى في البحرين يفشل في حجب الاحتجاجات الشعبية) قائلاً: «على الرغم من عدم قدرتهم على إلغاء السباق، إلا أنهم حققوا انتصاراً معنوياً على حكومتهم التي تركّزت جهودها على قمع الاحتجاجات في الدولة الخليجية... ».
وأوضح بلاك شراسة تدخل قوات الأمن والشرطة ضد المحتجين، من خلال إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وسحب الدخان الأسود، وحظر التجول، والظروف العامة غير الصالحة للعيش دون التطرق لأهمية السباق.
وأفاد مصور بحرينبي بأن الشرطة قد هددت بتحطيم كاميرته فيما لو قام بتصوير مطاردة المحتجين. وقامت السلطات بعدم منح التأشيرات للصحفيين الأجانب، ولكن أصرّ البعض على الدخول حيث قامت باحتجازهم وترحيلهم. وقال ميلر ( لقد تم القبض علينا خلال تصوير مظاهرة في إحدى بؤر التوتر، وتعاملوا معنا بعدوانية فظة...
ونقل بلاك على لسان حميد شادي المحلل في مركز الدوحة بأن (سباق فورمولا 1 كان محرجاً
للنظام، وهبة من السماء بالنسبة للمحتجين)...
هذا وقد قال أحد النشطاء: (بأن السباق قد انتهى، ولكن ثورة البحرين مستمرة)..
وفي 23 نيسان نشرت الغارديان خبراً عن ترحيل مراسل قناة الأخبار الرابعة جوهانثان ميلر بعد قيامه بتصوير مظاهرة.. وصودرت كاميراتهم وحواسيبهم وحاولوا منعهم من السفر..
وبالرغم من كل التعتيم الإعلامي التي جاهدت السلطات من الإبقاء عليه‘ إلا أن ملايين الناس في العالم قد تابعوا وفهموا طبيعة سباق الفورموملا 1 الذي جرى في البحرين..تم فهمه بأنه سباق ذو اتجاهين...سباق المحتجين من أجل نيل حريتهم...وسباق السلطات الحاكمة...لقتل المزيد..والحلبة ساحات البحرين جميعها، ووقود السيارات من دماء البحرينيين..