النقابي اليوناني يانيس باسولاس لـ«قاسيون»: نناضل من أجل بناء مجتمع دولي خال من استغلال الإنسان للإنسان

أجرت «قاسيون» على هامش الاجتماع الذي دعا إليه الاتحاد المهني لعمال البناء والأخشاب في سورية لقاءً مع يانيس باسولاس عضور سكرتاريا الاتحاد الدولي لنقابات عمال البناء، والعضو البارز في الحزب الشيوعي اليوناني هذا نصه:

• ما الدور الذي تقومون به على مستوى الحركة العمالية العالمية في الظروف الحالية، وخاصة في ظل احتدام الصراع في العالم؟.

إن الحركة ذات توجه طبقي، حيث تناضل على المستوى الوطني، وتنسق نضالها من خلال صفوف اتحاد النقابات العالمي، كما وتضطلع بواجب العمل على دراسة وتحليل التطورات داخل الدول، وعلاقاتها البينية والعالمية لكي تعلم الطبقة العاملة وحلفاءها أفضلالسبل الكفيلة والاستعداد للنضال ضد العدوانية الإمبريالية، وضد النظام الرأسمالي الذي يمر بمرحلته الأخيرة، أي الإمبريالية.

ومن هذا المنظور فنقاشنا الحالي حول التطورات الجارية في منطقتنا له أهميته الخاصة، لأننا في فترة حرجة، فترة احتدام عدوانية الامبريالية وتفاقم النزاعات والتناحرات الامبريالية التي تخلق بدورها وضعا خطيراً للغاية في شرق البحر الأبيض المتوسط والمنطقةإجمالاً.

 

• وهل تشكون من خوض أمريكا حروباً اخرى على غرار ما قامت به سابقاً؟.

إن التطورات القائمة من الممكن أن تقود حتى إلى مواجهات عسكرية أشمل، كاستمرار للحروب الامبريالية السابقة التي شهدناها في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا، وفي موازاة ذلك، وفي ظل ظروف أزمة رأسمالية عميقة متزامنة، أزمة فرط تراكم رأسالمال، تواجه الطبقة العاملة هجمة شاملة لقوى رأس المال، الذي يستخدم بدوره كل الوسائل ليحمل كل أعباء الأزمة على عاتق العمال، لذا فإننا بصدد أزمة عميقة جداً للرأسمالية ولدها وغذاها احتدام التناقض الأساسي بين الطابع الاجتماعي للإنتاج وبين التملك الفرديالرأسمالي لنتائجه.

ولقد أدت هذه الأزمة والركود في اقتصاد الاتحاد الأوربي وفي البلدان الرأسمالية الأخرى إلى ظهور مستويات غير مسبوقة للبطالة، والى هجمة تقليص كل من الأجور والمعاشات التقاعدية، وتمويل صناديق الخدمات الاجتماعية مما أدى إلى انتشار كل من البؤسوالفقر المطلق.

 

• وما تأثير ذلك على عمال البناء كونكم تقودون هذه النقابات؟.

في الحقيقة إن قطاع البناء والانشاءات  كغيره من القطاعات يواجه انكماشاً كبيراً في اليونان تجاوز نسبة 45% في الفترة الماضية، وهذا يطابق تماماً وضع عمال هذا القطاع في بلدان أوروبا الأخرى وغيرها من البلدان، حيث حكم على الآلاف من عمال البناءوالعاملين في المهن المرتبطة به بالبطالة المزمنة دون أي حماية اجتماعية، ويبدو أن هذا الوضع سيستمر في العام المقبل مع عواقب مؤلمة.

لذلك نعتقد بضرورة التأكيد على لزوم الربط بين النضال ضد عدوانية الامبريالية وضد هجمة رأس المال على الحقوق العمالية الشعبية، وهو نضال سيوضع على جدول الأعمال لإزالة الأسباب المولدة لكل من الاستغلال والأزمة والحرب.

 

• سنعود بك قليلاً إلى الربيع العربي ما رأيك بما يحدث الآن؟.

أيدنا الحركات ذات التوجه الطبقي للنضال الشعبي الذي تطور في هذه البلدان، باعتبارها نتيجة لترافق عوامل داخلية مع أخرى خارجية ، علماً أن العوامل الداخلية هي المسيطرة، لأن قوى الحركة الشعبية عبر معارضتها للحكومات طالبت بحقوقها المشروعة مساهمةبشكل هام في قلب أنظمة مبارك وبن علي، لكن وبالتوازي مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن قطاعات من الطبقة البرجوازية شاركت وتشارك في عملية التغييرات لتحديث القاعدة الاقتصادية، وتحرير مجالات وقطاعات اقتصادية لا تزال تحت سيطرة الدولة، ولتكييفالنظام السياسي البرلماني البرجوازي ليتناسب مع تطور الاقتصاد الرأسمالي.

إن تقديرنا هذا لا يقلل من دور الولايات المتحدة التي ربطت مصالحها مع المنطقة والتي تعمل  في سياق احتدام النزعات الامبريالية ، على أساس مخطط الشرق الأوسط الكبير، الجديد، لكي تعزز موقعها ولدفع عملية التحديث البرجوازي، عبر إعداد حلول سياسيةانتقالية التي لا تستبعد بدورها ما يسمى بـ الاسلام  السياسي على غرار نموذج تركيا.

نحن في الحركة العمالية ذات التوجه الطبقي في اليونان، لم نستخدم مصطلح الثورة، لأن معنى الثورة أعمق، إذ يتعلق بتغيير الطبقة الاجتماعية المتواجدة  في السلطة، ولكننا في الوقت ذاته مارسنا نقداً حاداً تجاه القوى البرجوازية والانتهازية المتحدثة عن الربيعالعربي، ونقدر بأن التطورات تؤكد صحة نقدنا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سواءً لتوجه السياسات الضد شعبية المطبقة من الحكومة العسكرية التونسية والمصرية، وأيضاً الدور المتقدم لقوى تحاول اعتراض التطورات عبر حلول سياسية ــ دينية، لا تخدم مصالحالشعب المنتفض.