الضرورات الأمريكية.. ووجود الكيان
يلتزم كيان الصهاينة بدوره الوظيفي، كقاعدة متقدمة مرتكزة إلى عقود طويلة من التغطية الإمبريالية الصلبة على الممارسات الفاشية. غير أن موازين القوى الحالية، باتت تدفع بـ«الربة» واشنطن إلى «ملامة» الكيان الصهيوني بشكل متصاعد.
حسب تصريحات دبلوماسية تبنتها واشنطن مؤخراً، فإن الكيان الصهيوني هو المسؤول عن تصاعد الحركة الشعبية في الأراضي المحتلة، كونه «يعرقل التوصل إلى اتفاق السلام» مع الفلسطينيين.
بعيداً عن نقاش أسباب الحراك الشعبي الفلسطيني المتصاعد، والذي يحمل بمضمونه عناصر تراكمت على طول فترة النضال الفلسطيني في سبيل استرجاع الحقوق المسلوبة، فالإضاءة تقتصر هنا على تظهير طروحات خاصة بسلوك هذا الكيان، كانت حتى الأمس القريب خارج نطاق الأخذ والرد العلني، إيماناً من الولايات المتحدة بقدرتها على دفع الصراع نحو الحسم النهائي وفق الشروط «الإسرائيلية». لكن مجمل التراجعات الأمريكية المنتظمة في المنطقة، لا تستثني الساحة الفلسطينية في سياق البحث الأمريكي عن مخارج باتت مسقوفة بـ«وضع مقبول» لحليفتها، بما لها من وزن ونفوذ راهن.
في هذا السياق، يقول وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في مقابلة مع صحيفة «نيويوركر» الأمريكية: «لا يمكن لإسرائيل ببساطة مواصلة البناء في الضفة الغربية، وهدم منازل أناس ترغب في التوصل إلى تسوية سلمية معهم»، مضيفاً أن «سياسة عدم أخذ المبادرة من قبل الحكومة الإسرائيلية قد تزيد الأوضاع تفاقماً، وتعرض إسرائيل لمزيد من المخاطر والتهديدات».
بالطبع، من السذاجة الاعتقاد بأن تلك التصريحات تأتي في سياق «مناصرة» حقوق الشعب الفلسطيني، إنما إنذار مبكر لما تراه الولايات المتحدة من «مخاطر»، لا يقل سقفها الأعلى عن إلغاء الدور الوظيفي للكيان الصهيوني، ككيان غريب عن المنطقة.
ليس ما سبق هو الإشارة الأولى التي يطلق العنان لها من واشنطن، فالأخيرة، ومع ما تتمتع به من «براغماتية» حكمت سياساتها منذ منتصف القرن الماضي، باتت مؤخراً تطلق دورياً مثل تلك التصريحات التي تضع الكيان الصهيوني، ووجوده واستمراره، موضع نقاش داخل الأروقة غير المعلنة وخارجها. ليبقى أمام حكومة العدو محاولات الضغط البائسة، والمزيد من عمليات «الأمر الواقع» داخل أراضي فلسطين المحتلة.