المراهنات الخاسرة تفاقم الورطات الخليجية
انتقلت العمليات العسكرية التي قادها «تحالف الحزم»، من نطاق الضربات الجوية المكثفة على مواقع متعددة في اليمن، إلى التورط البري المباشر داخل أراضي الجار الخليجي الجنوبي، فما الدافع وراء ذلك في حسابات الأنظمة الخليجية، والسعودية خصوصاً؟
يبدو التورط البري امتداداً طبيعياً لفشل التحالف في تحقيق أهدافه المعلنة لحظة بدء التدخل في اليمن، لا سيما أن هذا الخيار كان مستبعداً في الاستراتيجية المطروحة خليجياً، نظراً للإجماع المستقى من الحقائق التاريخية بأن اليمن واحدةٌ من أصعب بقاع العالم، وأكثرها استعصاءً على التدخلات الأجنبية، بدءاً من الإنكليز والإيطاليين، مروراً بالتدخلات السعودية والمصرية في أواسط القرن الماضي.
خطوة إلى الخلف
حسب وكالة «أنباء الإمارات»، سقط في الساعات الأولى من التوغل البري، حولي 45 قتيلاً من الجيش الإماراتي، و5 آخرين من القوات البحرينية، وزهاء 15 جندياً سعودياً قتلوا في كمينٍ قرب موقع «مشعل» العسكري في جيزان.
هذه البداية الدامية التي حملها التورط البري، أظهرت في أحد جوانبها، استحالة وصول قوات التحالف إلى العاصمة اليمنية، وهو الهدف الذي كان من المنوي القيام به، بمجرد إنجاز عملية انتشار «قوات العاصفة» في أجزاءٍ واسعةٍ من مأرب. لتلي ذلك أعنف المعارك والاستهدافات الجوية في محافظات صنعاء وصعدة وتعز.
وإذا كان التسليم الخليجي بفشل التحالف العسكري بطريقة عمله الأولى قد بدا واضحاً من تصريحات المسؤولين الرسميين، ومن مجريات المعركة على الأرض، تبدو عودة التحالف إلى استساغة التورط البري في اليمن، لتؤكد على هذه الحقيقة، مع ما يحمله ذلك من مراهنة ميدانية يبدو أنها الأخيرة، لا سيما أن المراقب للأحداث، يلاحظ ارتفاع وتيرة التحركات السياسية على خط الأزمة اليمنية، خصوصاً خلال الأسبوع الماضي.
مناورات على طريق الحوار
من الرياض، أعلنت حكومة عبد ربه منصور هادي استعدادها لأي حوار يفضي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «2216», دون قيد أو شرط، والالتزام بالقرارات ذات الصلة كافة، فيما أعلنت الحكومة عن قرار مفاجئ، بأنها لن تشارك في أية مفاوضات مع جماعة «أنصار الله»، قبل اعترافها بالقرار الدولي المذكور آنفاً، في وقتٍ وصل فيه المبعوث الدولي إلى اليمن، ولد الشيخ أحمد، إلى الرياض يوم الثلاثاء الماضي، لإجراء مشاورات جديدة مع الأطراف المتنازعة.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك «سنواصل جهودنا لحمل الأطراف إلى طاولة التفاوض»، مضيفاً «البعض غيّر رأيه، لكننا لم نغير رأينا»، في إشارة إلى تخبط الحكومة اليمنية في موقفها من إجراء مفاوضات مع جماعة «أنصار الله».
يراكم الموقف السعودي، جراء تدخله العسكري في اليمن، المزيد من الخسارات، ويبدو واضحاً أنه كلما ارتفع منسوب تورطه فيما يريده البيت الأبيض، ارتفع بالتوازي منسوب الخسارات التي يتكبدها. ويجري ذلك كله، في ظل ثبات الحل السياسي، كحل وحيد لمعظم الملفات المفتوحة في العالم والمنطقة.