الدور الروسي.. تقدم مستمر!
عمر الحسن عمر الحسن

الدور الروسي.. تقدم مستمر!

شهدت العاصمة الروسية موسكو زيارات مكثفة للمسؤولين العرب، وتحديداً من تلك الدول التي لم تكن على علاقة طيبة مع موسكو خلال السنوات السابقة، وخصوصاً بعد تعمق التناقض الروسي الامريكي في مختلف الملفات الدولية، ومنها الأزمة السورية.. الجزء الأكبر من هذه الزيارات، وكما هو معلن تأتي في سياق تحضيرات موسكو، لعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة السورية..

إن القراءة الأولى لهذا النشاط الدبلوماسي في العاصمة الروسية، يؤكد جملة حقائق:

• إن الدور الروسي يترسخ يوماً بعد يوم، وأن روسيا باتت لاعباً أساسياً لايمكن تجاهله، لا بل يؤكد بأن مفاتيح فتح الكثير من الأبواب هي في أدراج الدبلوماسية الروسية، لاسيما وأن هذا النشاط الدبلوماسي يقوم به ممثلو دول كانت حتى الأمس القريب تحمل روسيا مسؤولية ما آل اليه الوضع السوري، وتعتبر روسيا جزءا من المشكله.

• إن «الحج الى موسكو»، هي محاولة النزول من الشجرة بعد أن قادت الولايات المتحدة أقرب حلفائها من مأزق الى مأزق، مما فرض عليهم التفكير بخيارات بديلة، فهذه الدول من أكثر العارفين، بأن الولايات المتحدة تتخلى عن حلفائها بكل بساطة.

• إن الإقرار بالدور الروسي، وعدم القدرة على تجاهله يعني حكماً، الإقرار بالخيارات الروسية في التعاطي مع الملفات الدولية، وبالدرجة الأولى خيار الحل السياسي للازمات الدولية، ومنها الأزمة السورية، وبعبارة أوضح فإن هذا الإقرار بالدور الروسي يعني أن الحل السياسي للأزمة السورية تقدم خطوة جدية أخرى إلى الأمام، باعتبار أن بعض هذه الدول بالذات كانت من القوى المعيقة لأي حل سياسي، ولا يغير الخطاب المكابر لممثلي بعض هذه الدول من هذه الحقيقة شيئاً فهذه المكابرة لا تتعدى إلا كونها حفاظاً على ماء الوجه، لاسيما وأن القوى المتحالفة من بعض القوى المحسوبة على المعارضة السورية، معها أيضاً تخطو خطا مموليها الخليجيين في الإقرار بالدور الروسي

• إن هذا الانفتاح على موسكو، يكشف من جملة ما يكشف عنه مهارة الدبلوماسية الروسية، وقدرتها على التقاط اللحظة التاريخية، وتحديداً تراجع الدور الأمريكي على المستوى العالمي،  ويؤكد على تعدد خيارات موسكو، حيث يرافق هذه النشاط الدبلوماسي عقد اتفاقات اقتصادية ذات طابع استراتيجي مع روسيا. 

• إن هذا التمدد الروسي في الفضاء الحيوي الأمريكي تاريخياً، يشكل بداية رسم جديد لخارطة التحالفات الإقليمية والدولية، فكما هو معروف إن بلدان الخليج العربي مثلاً و منذ تشكلها كدول تعتبر محميات أمريكية لا أكثر ولا أقل.

لقد وضعت المبادرة الروسية المتعلقة  بالتعاون والتنسيق الاقليمي، لمكافحة الإرهاب، الجميع في ممر إلزامي، وأربكت حسابات واشنطن ومحاولاتها في إدامة استنزاف دول وشعوب المنطقة، سواء بالصراع البيني بينها، او بالصراع داخل كل بلد على حده، وفتحت الباب عريضاً أمام خيارات جديدة لمختلف الملفات في المنطقة.

آخر تعديل على السبت, 29 آب/أغسطس 2015 22:37