من (وول ستريت) إلى..
الناس، أولئك «العاديون» من البشر، ممن كان «عصياً» على قوى اليسار «المؤدلجة» و«المؤطِّرة»- وغيرها من «حجج» البروباغندا الغربية- استقطابهم وتنظيم حركتهم، يواصلون نهوضهم في العالم بحثاً عن حقوقهم الطبيعية.
سقطت الأحادية القطبية في العالم. وشيئاً فشيئاً، تجري عملية التثبيت لعالمٍ متعدد الأقطاب لم تعد فيه الكلمة لـ«سيدة العالم» الولايات المتحدة، التي يتخبط اقتصاديوها اليوم على وقع الأزمة المالية المتوقع لها أن تضرب معظم حكومات العالم في القريب العاجل. هي ذاتها الولايات المتحدة التي تشهد ارتفاعاً في منسوب الاحتجاجات والتظاهرات، من حراك «وول ستريت» إلى «القتال من أجل 15$»، مروراً بمناهضة الاضطهاد العرقي.
أوروبا على صفيح ساخن. حيث لم يعد من الممكن موضوعياً لـ«الترويكا» أن تتحكم بدول الأطراف الأوروبية، في ظل المشهد الأوروبي المتسم بحراكٍ شعبي واسع ضد منظومات النهب وفرض التقشف، وفي ظل استعصاءٍ لا يمكن «حله» دائماً على الطريقة اليونانية. وهنا يغدو الانعطاف الأوروبي نحو الدول الصاعدة طريقاً وحيداً لتجنب الانفجار الكارثي.
بدورها، ليست الدول الصاعدة مقارنة بالانحدار الإمبريالي الغربي، بمنأى عن أزمة رأس المال في العالم. وإن كانت هذه الدول تبحث اليوم عن استراتيجيات من شأنها أن تجنبها الأزمة المالية المرتقبة، إلا أن تجاوز الأزمة العامة للرأسمالية ليس ممكناً إلا من خلال توجهات جديدة خارج النمط الرأسمالي ذاته. وهذا يشمل أيضاً أن شعوب هذه الدول فهي ليست «خارج التاريخ» وخارج حركته.
في منطقتنا، تقف منظومات النهب عاجزة عن وضع حدٍ للحراك الشعبي المتصاعد. اثنا عشر عاماً من تحاصص عراقي، وستة وعشرون عاماً على «الطائف» اللبناني، وأربع سنوات من الحرب السورية، وغيرها الكثير والكثير، لم تثنِ شعوب المنطقة عن مواصلة التحركات ضد النهب والفساد.
يواجه، هؤلاء البشر «العاديون»، عدوهم المشترك: الإمبراطورية الأمريكية المتهاوية، وأدواتها، بما فيها أنظمة الفساد والتسلط. وهو التحالف الذي لعب، على طول الخط، دور «السوس» والعفن الذي اعتاش على نهب قوت الشعوب وسلب كراماتها وتهديد أمنها. المفارقة أن اللحظة أمام المواطن المنكوب تقول شيئاً، وأمام المتحرك في الشارع تقول شيئاً آخر.. أما أمام حركة المآل التاريخي فتقول شيئاً مختلفاً كلياً..!