إشراف السفير الأمريكي على الملفات الداخلية يعري تجار السيادة الوطنية!

إشراف السفير الأمريكي على الملفات الداخلية يعري تجار السيادة الوطنية!

إذا كان من كل بايدن وماكين ورجال الكونغرس يحطون متى شاؤوا في بغداد ويصدرون التوجيهات علناً للحكومة، وما عليها القيام به لتنفيذ تعهداتها، التي التزمت بها أمام «التحالف الدولي»، فإن السفير الأمريكي يشرف ميدانياً، ويومياً، على تنفيذ هذه التوجيهات– الأوامر.

أعلن بيان حكومي رسمي عن اجتماع رئيس الوزراء حيدر العبادي  بكل من رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، والسفير الأمريكي في العراق، ستيوارت جونز، والسفير البريطاني في العراق، فرانك بيكر. وأنه «جرى خلال اللقاء بحث تعزيز المصالحة الوطنية والبرنامج الحكومي وقانون الحرس الوطني والانفتاح الإقليمي وجهود الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، إضافة إلى الأوضاع السياسية والأمنية والانتصارات المتحققة على عصابات داعش».
كما يتصاعد، كلما حل مسؤول أمريكي في العراق، صوت القوى التقسيمية المـتآمرة على العراق ووحدته، داعية إلى إقامة فيدراليات، لا تعد ولا تحصى، وتشكيل الحرس الوطني على أساس فرقة مستقلة خاصة بكل محافظة– إقطاعية. وتطالب ببناء قواعد أمريكية في العراق باعتبارها الضمانة الوحيدة للأمن والاستقرار في «العراق الفيدرالي الديمقراطي». وفي هذا السياق، اعتبر وائل عبد اللطيف، زعيم حيتان «فيدرالية البصرة الملتحقة لاحقاً بمجلس الخليج تحت تسمية إمارة البصرة»، أن «الطلب من القوات الأمريكية الخروج من العراق يخالف «الوجدان»، لأنها هي من أوجد العملية السياسية، وأن الانتكاسة الأمنية الحالية هي بسبب خروج القوات الأمريكية». يوافقه على ذلك دعاة الفيدرالية في المنطقة الغربية والموصل الذين يرونه شرطاً للموافقة على تحرير المناطق التي تحتلها داعش(!) وفق قاعدة استحالة عودة العراق إلى ما قبل 10 حزيران يوم احتلال الموصل، علماً بأن محافظ مدينة كركوك قد هدّد بإعلانها إقليما مستقلاً عن كل من بغداد وأربيل.
من جهة أخرى، يتصاعد صوت تيار مختلف على أرض المعارك، فما أن أعلن السفير الأمريكي بأن تحرير بيجي جاء نتيجة لقصف التحالف الدولي، حتى جاء الرد عليه بنفي ذلك، والتأكيد المضاد بأن القوات العراقية وقوى المقاومة الشعبية العراقية، بتسمياتها المختلفة، كقوة وطنية مسلحة عراقية، قادرة على حسم معركة داعش، فيما إذا رفع الأمريكيون يد الحماية عن داعش وتوقف «تحالفهم» عن القصف.
لا يختلف المشهد السياسي في الاقليم عن مشهد المركز، لناحية الانقسام بين جناح يريد الذهاب إلى النهاية في السياسة الانعزالية التفتيتية والتبعية المطلقة للأمريكيين، وبين الجناح المصمم على تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلال الذاتي لإقليم كردستان في إطار الدولة العراقية الوطنية الديمقراطية. وهذا ما تشهده معركة رئاسة الاقليم ودستوره والاتفاق النفطي مع بغداد وغيرها.
على امتداد الأراضي العراقية، يبقى الثابت أن الخطابين، الشوفيني والانعزالي، هما وجهان لعملة واحدة عنوانها العنصرية، المتعارضة فكراً وممارسة مع الوطنية والأممية. وبحكم طبيعة الطبقة السياسية البرجوازية الطفيلية الحاكمة بحماية الأمريكيين، فإن العمل الشعبي العسكري، الضاغط لتغيير ميزان القوى ينبغي أن يقترن بكفاح جماهيري سياسي على الأرض لفتح الطريق أمام المسار الوطني التحرري القادر على تحفيز البرجوازية الوطنية في أن تقوم بدورها بالانحياز إلى جانب العمال والفلاحين والمثقفين في جبهة شعبية عسكرية وسياسية واقتصادية وإعلامية قادرة على مواجهة قوى النهب والتفتيت والتبعية، جبهة تنهي، من ضمن مهامها، مثلاً تلك المحاولات الهادفة إلى عزل نشاط الشعب الكردي عن مجرى النضال العام للشعب العراقي بأسره، وتسعى لزجه في قوقعة النخب القومية الانعزالية البرجوازية.
إن الاستقلال العراقي الحقيقي ينتزع بالكفاح المشترك بين العرب والأكراد والتركمان وأطياف الشعب العراقي كافة، للتحرر من نير هيمنة الشركات الامبريالية الاحتكارية الناهبة لثروات الشعب العراقي والتي دمرت بنيته الاجتماعية وزرعت الفتن العرقية والطائفية والدينية.
منسق التيار اليساري الوطني العراقي