من يصنع الأزمات الخانقة في البلطيق؟
أستونيا ولاتفيا وليتوانيا ثلاث جمهوريات صغيرة كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل عام 1991، تقع في المحيط الحيوي الروسي من جهة الغرب، وتعرف باسم جمهوريات بحر البلطيق، ويبلغ مجموع عدد سكانها مجتمعة، حسب آخر إحصائية في العام الحالي 2015، قرابة 6.271 مليون نسمة.
يستخدم حلف شمال الأطلسي هذه الجمهوريات كمطية وقاعدة أمامية مباشرة من أجل الصراع مع روسيا، ليعود السؤال إلى طرح نفسه في الوقت الراهن بشدة مجدداً: هل مصلحة البلطيق هي التكامل مع الاتحاد الأوراسي أم البقاء رهينة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
أستونيا
أستونيا التي يحكمها ائتلاف ليبرالي– فاشي منذ 2007، وتعاني من أزمة اقتصادية منذ 2008 يستخدمها الناتو من أجل إجراء مناوراته العسكرية، تحت مسميات «صد عدوان دولة كبيرة ضد أستونيا» أو «برنامج الناتو من أجل السلام» الذي يهدف إلى جعل بلدان البلطيق حلفاً عسكرياً مصغراً على الحدود الروسية، ويطلق مناورات من أجل تجريب الأسلحة الأمريكية الجديدة، حيث جرت آخر مناورات أمريكية- أستونية مشتركة عشية احتفالات موسكو والعالم بعيد النصر على الفاشية في أيار الماضي، كما يوجد سجن عسكري سري للولايات المتحدة الأمريكية على الأراضي الاستونية.
ولكن أستونيا لم تجن في الحقيقة من عضويتها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو سوى إنتاج الأزمات الاقتصادية المختلفة ومضاعفتها. فبعد أزمات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والأجور، التي ضربت البلاد منذ 2008 جاءت العقوبات الغربية ضد روسيا كمشنقة للاقتصاد الأستوني، مع العجز الأوروبي والأمريكي التام لحل هذه الأزمات.
تقول آخر التقارير: أن شركة من أصل خمس شركات أستونية عانت من حظر الاستيراد الروسي لمنتجاتها الغذائية والزراعية، وكذلك أصاب الضرر شركات النقل اللوجستية والسياحة بتأثير العقوبات الغربية على روسيا.
من حيث الأجور يبلغ متوسط الأجور في استونيا 350 يورو، أي أقل من ثلاثة أضعاف عن الحد الأدنى للأجور في الاتحاد الأوروبي، البالغ 1000 يورو في الشهر، بينما يستمر صندوق النقد الدولي بإصدار تقارير كاذبة، تقول: بأن أستونيا ذات دخل مرتفع واقتصاد مستقر!!
كما يبلغ معدل البطالة 12.5% ونسبة السكان الذين هم تحت خط الفقر 17.5%، أما المديونية، فسجلت أرقاماً عالية جداً، وبلغت 24.98 مليار يورو. وتعتمد أستونيا على روسيا في مجال الكهرباء والغاز المسال بشكل كلي.
ليتوانيا
توجد في ليتونيا قاعدة العمليات الأمامية للولايات المتحدة، تحت مظلة الناتو، يستخدمها في قيادة الصراع في أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى، تجري ليتوانيا مناورات عسكرية دورية على الحدود الروسية، لآلاف الجنود من حلف الأطلسي. وبالتالي تنفذ ليتوانيا التوجيهات الأمريكية برفع درجة التوتر والاستفزاز على الحدود الروسية.
بالمقابل تعاني ليتوانيا من الأزمة الاقتصادية ذاتها، منذ 2008 وتصاعدت منذ فرض العقوبات الغربية على روسيا، وكذلك بعد اعتمادها لليورو عملة للتعامل بدلاً من عملتها الوطنية «ليتاس».
تقول الأرقام أن أكثر من 150 ألفاً من مواطني ليتوانيا، اضطروا للهجرة عام 2015 وحده، بسبب الأزمة الخانقة التي تعاني منها البلاد، بتأثير سياسات التقشف والعسكرة التي فرضت على البلاد، وكذلك تعاني نسبة 20% من القطاعات الاقتصادية المختلفة، وخاصة الزراعية والغذائية، من الشلل التام بسبب العقوبات المفروضة على روسيا.
يشعر كثير من المواطنين بالخلل الذي أصاب الاقتصاد الليتواني، ومن المتوقع أن يشمل ذلك مجال الطاقة، حيث تعتمد ليتوانيا على روسيا بشكل كامل وخاصة الطاقة الكهربائية والغاز المسال، وتزداد الضغوطات الأمريكية على ليتوانيا من أجل إيقاف التعاون الروسي– الليتواني بمجال الطاقة في ظل عدم وجود بديل لذلك.
تنتظر ليتوانيا بدء تسلم شحنات الغاز الطبيعي المسال من روسيا، عن طريق محطة الغاز الطبيعي المسال العائمة في ميناء كلايبيدا في نهاية عام 2015.
لاتفيا
أصابت لاتفيا، بسبب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، خسائر اقتصادية كبيرة، لتضاف إلى نتائج أزمة 2008، فبلغ حجم الخسائر الكلية 50 مليون يورو سنوياً نصفها في مجال تصنيع الألبان.
وشملت قائمة حظر الاستيراد مواد غذائية إضافية، مثل: البذور وسمك السلمون والإضافات العضوية والفيتامينات المعدنية والبهارات، وهذا يعني ضرراً لمنتجيها.
صرحت المفوضية الأوروبية أنه لن يتم تعويض لاتفيا عن أية خسائر، من جراء فرض الحظر الروسي على استيرادها، بسبب العقوبات الغربية على روسيا، كما تعتمد لاتفيا على روسيا بشكل كامل في مجال الطاقة، كالكهرباء والغاز حتى الآن..!