مقدونيا ومولدافيا نضال السلم ضد الفاشية
حدثان برزا خلال الأسبوع الماضي في الجبهة الغربية للقارة الأوروبية. في الأول: قرعت الفاشية الجديدة فيه طبول الحرب في مقدونيا. وفي الثاني: تقدم خيار التكامل الأوراسي في مولدافيا. مستجدان اختزلا في مضمونهما صورة الصراع الجاري على المستوى الدولي.
مقدونيا من بلدان البلقان التي تتمتع بعلاقات وروابط وطيدة مع روسيا. وفي إطار هذه العلاقات، أعلنت الحكومة المقدونية مؤخراً موافقتها على مد خط «السيل الجنوبي» الذي ينقل الغاز الروسي عبر أراضيها، رافضةً العقوبات المفروضة على روسيا. وهو ما لم يرق للولايات المتحدة، وحلفائها في الاتحاد الأوروبي.
طبول الحرب في مقدونيا
في محاولة أمريكية لإشعال أزمة جديدة، تنطلق في مقدونيا «ثورة ملونة»، بدعمٍ مكشوف على الأرض من سفارة الولايات المتحدة هناك، رافعةً شعارات «مقدونيا إلى أوروبا الحرية والديمقراطية»، ما يعيد إلى الذاكرة الطريقة السابقة التي جرت فيها الانقلابات على الحكومات القريبة من روسيا، في أوسيتيا الجنوبية وأوكرانيا. وما يؤكد، في الوقت ذاته، استمرار الغرب بمخططه البائس لحصار روسيا وضرب مشاريعها السياسية والاقتصادية. وكل ذلك يجري على أرضية محاولة تطويق المنافسين الصاعدين دولياً، وتجويع الدول التي تضربها الفاشية الجديدة، بوجهيها المسلَّح و«الملوَّن».
وفي مقابل الهجمة التي تتعرض لها مقدونيا، شهدت عاصمتها، سكوبيه، أضخم مظاهرة منذ استقلالها، تأييداً لتوجهات حكومة رئيس الوزراء الحالي، نيقولا غرويفسكي، على الصعيد الخارجي، حيث شارك فيها حوالي 90 ألف شخص، تحت شعار «مقدونيا القوية»، وذلك رداً على مظاهرة معارضي الحكومة، التي جمعت يوم الأحد الماضي نحو 20 ألف متظاهر.
الصراع على الحدود الغربية؟
وكانت مقدونيا قد شهدت خلال الأسبوع الماضي توتراً سياسياً وأمنياً، عندما هاجمت مجموعة مسلحة مرتزقة كبيرة مدينة كومانوفو (شمالي البلاد)، مما أضطر قوات الشرطة إلى التدخل والقيام بعملية عسكرية مضادة استغرقت يومين، قتل خلالها 8 من رجال الشرطة و14 من المسلحين. وتسببت هذه المواجهات بموجات نزوح واسعة لدى سكان المدينة، فيما وجهت الشرطة اتهامات تتعلق بالإرهاب، إلى أكثر من 30 عضواً من المجموعة استسلموا لها.
في هذا السياق، يكثر في الصحافة الأوروبية الحديث عن أن مستجدات مقدونيا سوف تؤدي إلى تقسيم البلاد، وإعلان قيام «جمهورية إيليريد» التي ستنضم، مع إقليم كوسوفو، إلى ألبانيا (الجارة الغربية لمقدونيا). مع الخوف من أن يجري توسيع النزاع ليشمل صربيا وبلغاريا وكوسوفو وألبانيا. أما الهدف، مع انفتاح أفق الحل بأوكرانيا فهو استدراج ضغط جديد على الحدود الغربية لروسيا.
هزائم الليبرالية في مولدافيا
في آخر انتخابات بلدية جرت في مولدافيا عام 2011، حصل «الحزب الشيوعي المولدافي» على أكثر من نصف المقاعد في العاصمة كيشينيف، لأول مرة: «26 من أصل 51 مقعد» وبنسبة أصوات وصلت إلى 46.11%. وفي الحملة الانتخابية الأخيرة التي انطلقت أوائل شهر أيار الحالي، خاض الحزب الشيوعي الانتخابات تحت راية إبعاد الليبراليين الموالين للاتحاد الأوروبي عن رئاسة بلدية العاصمة كيشينيف، والتي جرى تحويلها إلى اقطاعية ليبرالية من أجل النهب، وإحدى نقاط التمركز لتمرير التدخلات الخارجية في شؤون مولدافيا.
وتأتي الانتخابات البلدية الأخيرة لتسجل تقدماً آخر لقوى التكامل الأوراسي، حيث بينت نتائج الجولة الأولى للانتخابات، تقدم مرشح الحزب إلى رئاسة بلدية العاصمة بفارقٍ ضخم على حساب رئيس البلدية الحالي الموالي للائتلاف الليبرالي. ويجري ذلك بعد صدمة الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية 2014، والتي حصل فيها مؤيدو الاتحاد الأوراسي «الاشتراكيون والشيوعيون» على أكثر من 70 مقعد من أصل 101، ما عُدَّ هزيمة كبيرة للائتلاف الليبرالي الحاكم، والذي تحكمه العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
المصلحة القومية لمولدافيا:
التكامل شرقاً
يواصل الاتحاد الأوروبي تدخلاته في الشؤون المولدافية بمختلف الأشكال، عن طريق رومانيا العضو في الاتحاد الأوروبي، تحت شعار «الوحدة القومية للشعب الروماني». لكن الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر 2014، أكدت أن الأكثرية الشعبية ترى أن مصلحة مولدافيا القومية هي في التكامل مع الاتحاد الأوراسي، حيث صوَّت أكثر من 70% من المولدافيين لصالح الأحزاب التي تؤيد هذا الاتحاد.
في السياق ذاته، اجتمع الرئيس المولدافي السابق والأمين الأول للحزب الشيوعي، الجنرال فلاديمير فورونين، مع سفراء روسيا والصين وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي، كل على حدة، في شهر أيار الحالي. وكان لافتاً تأكيد روسيا والصين دعمهما لتطلعات الشعب المولدافي للتكامل الأوراسي.