استرجاع تكريت.. وسرّ «اختفاء داعش»!

استرجاع تكريت.. وسرّ «اختفاء داعش»!

مع «الاختفاء المفاجئ» لإرهابيي «داعش» من تكريت، والإعلان الرسمي للحكومة عن تحريرها بعد مقتل 40 مسلحاً من التنظيم، أثيرت العديد من علامات الاستفهام حول ما جرى حقاً لاسترجاع وسط المدينة.

برزت التساؤلات المشروعة حول استرجاع تكريت، بعد أخذٍ ورد على مدار الأسبوعين الماضيين، أي منذ الإعلان الرسمي عن إيقاف عملية تحرير المدينة خضوعاً لأوامر «التحالف» الأمريكي، ومن ثم معاودة تنفيذها قبل أيامٍ قليلة، وصولاً لاسترجاعها على يد القوات العراقية، لتخلق الاستفسارات: هل يعقل أن عشرات من «الدواعش» فقط هم من كان مسيطراً على المدينة؟ أم أن جسمهم المسلح، المكوَّن بجزءٍ كبير منه من عناصر أجهزة القمع في النظام العراقي السابق، قد عادوا إلى بيوتهم بانتظار مصالحة «وطنية»؟ وماذا عما أشيع من وجود عزة الدوري، رجل النظام السابق، بصحبة قيادته في تكريت، مع الحديث عن صفقة قطرية لمغادرتهم سالمين؟ ولعل أهم الأسئلة على الإطلاق، هو ذلك السؤال الذي يحدد جوهر ظاهرة «داعش» برمتها: هل ستختفي «داعش» من الأنبار والموصل وفق سيناريو تكريت؟

المؤكد، أن الإجابة عن هذه الأسئلة لن تكون على يد أصحاب شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، ولا من تجار اليافطات الطائفية، كما لا توجد أي مصداقية لتصريحات الناطقين الرسميين الكثر، بعد أن استخفوا بالناس وحاولوا تصوير توقف عملية تحرير تكريت كـ«خطة عسكرية»، في حين أن ما تكشف لاحقاً بيّن أنه كان نتيجة ضغط أمريكي مباشر لإيقافها. 

يضاف إلى ذلك أن مهمة مسك الأرض بعد تحريرها تثير أسئلة جديدة- قديمة: فهل ستوكل هذه المهمة إلى أجهزة الشرطة المحلية، التي هربت وسلمت المدينة في حينه إلى «داعش»؟ أم إلى فصائل محددة داخل «الحشد الشعبي»؟ وماذا عن مشروع قانون ما يسمى بـ«الحرس الوطني»؟ الذي سيسمح بتشكيل عسكري خاص بكل محافظة عراقية؟ ثم أين هي الوطنية والسيادة العراقية في مواجهة القرار الأمريكي بمنع العراق من إعادة بناء جيشه الوطني وفق قانون الخدمة الإلزامية؟ 

في موازاة ذلك، جاء جدل النخب «الكردية- التركمانية» العلني حول هوية مدينة كركوك في وقت تدور فيه المعارك لاسترجاع أجزائها المحتلة على يد «داعش»، وإصرار رئيس مجلس النواب العراقي السابق ورئيس «تحالف القوى العراقية» حالياً، أسامة النجيفي، على أن تحرير الموصل ينبغي أن يقترن بإعلانه إقليماً، ليزيد من تعقيدات المشهد العراقي ما بعد «اختفاء داعش» من العراق لاحقاً، وليضيف أسئلة فوق الأسئلة المثارة.

إذاً، تثبت الأحداث الجارية في بلادنا منذ 10 حزيران، تاريخ سقوط الموصل وانهيار الفرق العسكرية، وإعلان «خلافة البغدادي»، وإصرار الطبقة الحاكمة الفاسدة على المضي قدماً في سياسة المحاصصة الطائفية في معالجة القضايا الوطنية الكبرى، بما فيها مشروع المصالحة «الوطنية» المطروح راهناً، ناهيكم عن الأرضية المحلية والإقليمية والدولية التي هيأت لذلك، ارتباطاً بالكارثة السورية المستمرة وتداعياتها عراقياً من جهة، وحالة التغير القائمة على صعيد التوازن الدولي من جهة أخرى، تثبت جملة هذه المعطيات بأن لا أحد، غير الشعب العراقي، قادر، ليس على الإجابة على الأسئلة المثارة فحسب، بل هو صاحب الكلمة الأخيرة في توجيه المعركة الجارية في وطننا، وعن كل المستويات، نحو وجهة وطنية تحررية، تنقله من حالة صراع الهويات الثانوية، المذهبية والعرقية، إلى حالة الصراع الأساسي بين الشعب والمعتدي الأمريكي وأذنابه في الداخل.

منسق التيار اليساري الوطني العراقي

آخر تعديل على السبت, 04 نيسان/أبريل 2015 18:01