الغرب ومركزة الأدوات الفاشية
تتصاعد حدة الاشتباك الحاصل، بأدواتٍ عدة، بين منظومة الغرب الإمبريالية ومنظومة «البريكس» وحلفائها. ومع تراجع التيار الأول، يشهد الإقليم تغيرات من جنس المتغير الأكبر الحاصل في ميزان القوى الدولي.
منذ نهاية العقد الأول من القرن الحالي، انهار عملياً الوزن النوعي لتنظيم «الإخوان المسلمين» الذي تصاعد دوره بعد النصف الثاني من القرن الماضي وبالتدريج، ليصبح واحداً من أهم الأدوات الغربية في الإقليم. وفي هذا الصدد، لا يمكن إغفال أهمية دور ما جرى في مصر والذي أسَّس لسقوط التنظيم في عدة بقاع بمنطقتنا عبر إسقاطه في معقله التاريخي ومسقط رأسه.
في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و2013 استشعر الغرب الفشل الذريع الذي أصيب به تنظيم «الإخوان» في المنطقة- ولا سيما في مصر وتونس- وهي الفترة ذاتها التي عملت فيها أجهزة الاستخبارات الغربية على بعث الروح في مولودها الفاشي «الجديد»: «داعش».
بعد إصابة «داعش» بهزائم متتالية على يد المقاومة الشعبية المحلية في العراق وسورية، وسقوط صورته تدريجياً بالرغم من محاولات «التحالف الدولي» نفخه، تسعى الإدارة الأمريكية وحلفاؤها إلى نقل قواها الإرهابية، من «داعش» وأشقائه، إلى ليبيا، في محاولة تهدف، من بين عدة أهداف، إلى حصار مصر من خلال ثلاث جبهات (سيناء، والسودان، وليبيا). ما يضع المزيد من العراقيل في وجه التحول المصري، والانتقال الجاري من تحت العباءة الأمريكية الخليجية الصهيونية.
في الأحوال كلها، وفي الوقت المستقطع، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، على تحويل ليبيا إلى نقطة جذب وقاعدة انطلاق جديدة للإرهاب العالمي، مستفيدة في ذلك من التآكل والتدهور الذي أصاب بنية جهاز الدولة الليبي ومجموع الصراعات الداخلية التي صارت الحالة العامة في ليبيا بعد الغزو الذي شنه «الناتو» عليها، ومستفيدة كذلك من الأراضي والإطلالة البحرية الواسعة، والتي تسمح بإيجاد مراكز تدريب وتوزيع لإرهابيين تحت الطلب حول العالم.
إن لجوء الغرب إلى خيار العسكرة سلاحاً لإبطاء تراجعه المحتم في العالم يشي بعمق الأزمة التي باتت تعتريه وتؤسِّس إلى ترسيخ التعددية الدولية واقعاً يحمل في بذوره احتمالات تراجع غربي غير منظم.