على وقع التراجع: تظاهرات عمالية في أمريكا وأوروبا
نظرة بسيطة إلى خارطة توضح كمّ التظاهرات العمالية في العالم منذ مطلع الشهر الحالي وتؤكد أن الحركات الاحتجاجية للعمال كانت متركزة وآخذة بالتصاعد بشكلٍ أساسي في دول أمريكا الشمالية وأوروبا، وهي التي لم تتوقف منذ مطلع القرن الجديد.
مع تعمق أزمة المنظومة الرأسمالية، وزيادة الإجحاف وأدوات التنكيل بحقوق القوى العاملة، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول أوروبا تصاعداً في الحركات الاحتجاجية للعمال منذ مطلع شباط 2015.
«حرب النفط» على عمال أمريكا!
رداً على سياسة التهميش التي تمارسها شركة «شل» الأمريكية بحق 4000 عامل في مجال تكرير النفط، نفَّذ اتحاد عمال الحديد والصلب الأمريكي إضراباً لمدة 4 أيام في تسع مصاف لتكرير النفط، ليكون أكبر إضراب في الولايات المتحدة منذ عام 1980. الإضراب الذي طال ولايات تكساس وكاليفورنيا وكنتاكي في 2/2/2015، شلَّ عملياً 10% من مجموع طاقة التكرير الأمريكية، بعد أن رفضت شركة «شل» الاستجابة لمطالب العمال المتمثلة بزيادة الأجور بنسبة 6%، وألحت على الاستمرار بسياسة خفض الإنفاق التي جاءت بتأثير انخفاض أسعار النفط عالمياً بنسبة 50% منذ صيف 2014. ويتوقع أن تتصاعد الحركة الاحتجاجية للاتحاد الذي يمثل 68 مصفاة تكرير تساهم بـ64% من إجمالي الناتج النفطي الأمريكي.
أما في كندا فقد أعلن 3000 من سائقي القطارات إضراباً عن العمل لمدة أسبوع منذ تاريخ 15/2/2015 بدعوة من نقابة السكك الحديدية من أجل المطالبة بزيادة الأجور، حيث اعتبرت الحكومة الكندية أن هذا الإضراب تهوراً لتخريب الاقتصاد الكندي، وأنها ستطبق قانون «الحد من الإضرابات العمالية» الذي أقر عام 2012 في حال لم يفض الإضراب.
القارة العجوز و«متلازمة» الاحتجاجات
في أكثر من دولة، كان العمال الأوروبيون يعبرون مجدداً عن رفضهم للقيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والحكومات المتورطة معه في رسم أسس اقتصاده. فإثر الإضراب الذي نفذه سائقو الحافلات العامة في 18 شركة بريطانية خاصة من أجل زيادة الأجور، كشف حزب المحافظين البريطاني عن خططِ لتشديد قوانين الإضراب، ويدعي الحزب أنها ستحمي المواطنين من «تعطل الحياة اليومية جراء الإضرابات التي قد يدعمها عدد قليل من أعضاء نقابات العمال».
وفي خطوة لمقاومة خصخصة القطاعات الحكومية، نفذ عمال الفحم البولونيون تظاهراتٍ وإضرابات لمدة أسبوع كامل، رفضاً لقرار الحكومة البولونية القاضي بـ«إعادة هيكلة» شركة المناجم، وتصفية 10 مناجم فحم يعمل فيها أكثر من 47 ألف عامل. وإثر إضرابهم أجبر العمال الحكومة على توقيع اتفاقٍ يوم 17/1/2015 يقضي بالحفاظ على أربعة مناجم.
وإلى ألمانيا، التي تعتبر الأكثر «استقراراً اقتصادياً» بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تصاعدت حركة العمال المطالبين بزيادة أجورهم، فبعد احتجاجات النقابات العمالية الألمانية المطالبة برفع الرواتب بنسبة 5.5% يوم 29/1/2015، أضرب عمال الأمن الألمان في ثلاثة مطارات رئيسية يوم 9/2/2015 مطالبين شركة «لوفتهانزا» برفع أجورهم.
إلى ذلك، طالب عمال المناجم في أوكرانيا بحكومة وحدة وطنية، بعدنا نظموا احتجاجات في مدينة كييف يوم 29/1/2015، مطالبين باستقالة وزير الطاقة وصناعة الفحم بعد انهيار قطاع صناعة الفحم والتفريط بمصالح أوكرانيا الوطنية. حيث رفع المحتجون شعارات مثل: «الضريبة على الراتب التقاعدي لعمال المناجم عار على البشرية»، و«لا لإغلاق المناجم» و«الدولة من دون فحم.. الشعب من دون ضوء». ورفع العمال من سقف مطالبهم نحو المطالبة باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد.