تجاذبات الحريق الأوكراني
لم يخلص اجتماع وزراء خارجية «إطار النورماندي»- المنعقد في العاصمة الألمانية برلين- إلى استنتاجات والتزامات عملية بخصوص حل الأزمة الأوكرانية، ولكنه سجل تقدماً سياسياً إيجابياً، في وقت كان فيه للمستجد الفرنسي انعكاس ملحوظ على الميدان الأوكراني.
في معرض حديثه حول اجتماع برلين، صرَّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن جميع الدول المشاركة في الاجتماع اتفقت على أن التنفيذ الصارم لوقف النار هو الذي سيمهد الطريق أمام اجتماع زعماء الدول في كازاخستان، كما شدَّد على أهمية المحادثات الجماعية حول التعديلات الدستورية.
الفاشية ماضية في إشعال الحريق
بعد الأحداث الفرنسية، جرى تصعيد واسع النطاق على الساحة الأوكرانية، حيث قامت القوات الأوكرانية بـ30 حالة خرق للهدنة عبر قصفها لمناطق مختلفة من شرق أوكرانيا، ولاسيما دونيتسك ولوغانسك.
في موازاة ذلك، أعلنت «الجبهة الشعبية» التي يتزعمها رئيس الوزراء الحالي، أرسيني ياسينوك، بتاريخ 14 كانون الثاني، أنها بصدد تقديم طلب للرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، لفرض الأحكام العرفية شرق أوكرانيا، وإنهاء حالة وقف إطلاق النار هناك، كما ناقشها البرلمان في اليوم نفسه.
وفي هذا السياق، جاء تقرير منظمة «الأمن والتعاون الأوروبي»، الصادر في 12 كانون الثاني ليكرر اتهاماته إلى مناطق شرق أوكرانيا، حيث أكد التقرير أن أحياءً قريبة من مطار دونيتسك كانت قد شهدت في اليومين الماضيين استخدام المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون بالإضافة إلى صواريخ غراد، كما حاول تحميل مقاتلي شرق أوكرانيا المسؤولية عن انتهاك نظام وقف إطلاق النار لأكثر من 111 مرة من خلال استعمال الدبابات والمدفعية الثقيلة والأسلحة النارية يومي 10-11/1/2015، منها 39 مرة قرب المطار. من جانبها، كانت وزارة دفاع جمهورية دونيتسك الشعبية، قد أكدت مرة جديدة على أن القصف العنيف من القوات الأوكرانية على شرق أوكرانيا لا يزال مستمراً.
تواصل الحراك من أجل الحل
وفي خطوة موازية للمساعي الروسية باتجاه الحل السياسي في أوكرانيا، أعلنت جمهورية دونيتسك الشعبية أن مجموعة الاتصال قد تجتمع في مينسك بتاريخ 16 كانون الثاني، وأكدت أنها ستشارك في هذا اللقاء، وستقبل دعوة منظمة «الأمن والتعاون الأوروبي» من أجل إيجاد تسوية للأزمة الأوكرانية.
وفي هذا الصدد، صرَّح مسؤول رفيع المستوى في جمهورية دونيتسك الشعبية، مساء الأربعاء 14 كانون الثاني، بأن القوات الأوكرانية ستنسحب من مطار دونيتسك عبر ممرات آمنة قدمتها لها قوات الجمهورية، في وقت اقترحت فيه «منظمة الأمن والتعاون الأوروبي» على طرفي النزاع في جنوب شرق أوكرانيا إعلان هدنة في محيط مطار مدينة دونيتسك وتنظيم دوريات مشتركة في المنطقة، فيما بدا أنه إحدى محاولات المنظمة للحفاظ على قوات أوكرانية داخل دونيتسك.
إلى ذلك، يتواصل التنسيق بين قادة أوروبا والطرف الأوكراني، حيث ناقش الرئيس الأوكراني بوروشينكو، في اتصال هاتفي مع هولاند وميركل، سبل تسوية الأزمة الأوكرانية عن طريق بنود اتفاقية مينسك، ومنها سحب المعدات العسكرية لكلا الطرفين بعيداً عن خط الجبهة بـ15 كم، بالإضافة إلى الإفراج عن الأسرى، فيما جدَّد قادة أوروبا استعدادهم لمواصلة المحادثات في إطار «رباعية نورماندي» في حال تحقيق تقدم في تطبيق اتفاقات مينسك، وكذلك عقد اجتماع لمجموعة الاتصال حول أوكرانيا، بالإضافة إلى لقاء على مستوى وزراء الخارجية.