أمريكا من بغداد: إعادة بناء جيش وطني خط أحمر
احتفل العراقيون بمناسبة الذكرى الـ94 لتأسيس جيشهم الوطني وسط معارك ضد «داعش» شملت ثلث البلاد، في سعيٍ دائم من قبل الطغمة الحاكمة لاستثمار حالة الرفض الشعبي لـ«داعش» من أجل استثارة النزعات الطائفية.
تأتي الاحتفالات وسط رعاية السفير الأمريكي لاجتماعٍ في بغداد، ضمَّ قادة مليشيات الوسط والجنوب والشمال، سبقها اجتماعاتٌ لماكين مع دعاة تشكيل جيش ميليشياتي في المنطقة الغربية والموصل تحت مسمى «الحرس الوطني»! كما جرى الإعلان عن تشكيل مليشيات إيزيدية شبكية، فضلاً عن إعلان الفريق الركن جمال محمد رئيس أركان قوات البيشمركة: «بأمر من رئيس إقليم كردستان والقائد العام لقوات البيشمركة، مسعود بارزاني، قررت وزارة البيشمركة تشكيل أفواج لكلِّ الأقليات ضمن تشكيلات البيشمركة، وسيتم تدريب المتطوعين من أبناء هذه الأقليات لتتولى فيما بعد حماية مناطقها.. وفي هذا الإطار، أنهى فوج من الإيزيديين تدريباته وهذا الفوج يضم 600 مقاتل.. في الوقت ذاته، فإن الوزارة تواصل استعداداتها لتشكيل قوات خاصة من المسيحيين والإيزيديين والكاكائيين والشبك».
ورغم إعلان رئيس الوزراء ووزير دفاعه عن تمسكهما بوجود جيش وطني عراقي، إلا أنهما اكتفيا بالعبارات الإنشائية العامة، دون التجرؤ على تبني الخدمة الوطنية الإلزامية طريقاً لإعادة بناء الجيش العراقي، فالأمريكي قد وضع خطاً أحمراً على ذلك. ولعلَّ قول رموز نظام التبعية الفاسد، إن إيران هي من أنقذ العراق من الوقوع في قبضة «داعش» يعبِّر عن مدى هشاشة البنية العسكرية للجيش الراهن، الذي لم يصمد- مع وجود هؤلاء في الحكم على مدى عقد من الزمان- أمام منظمة إرهابية.
فقد أعلن عمار الحكيم من قم: «ولو لم تكن المساعدات الإيرانية لكنا شهدنا احتلال أربيل من قبل داعش». كما جاء تصريح الأمين العام لمنظمة «بدر»، هادي العامري، أكثر صراحة وعلى شكل اعتراف علني، حيث أعلن زعيم المليشيا التي تقاتل «داعش» ضمن ما يسمى بـ«الحشد الشعبي»، أنه «لو لم تكن إيران واللواء قاسم سليماني لكانت حكومة حيدر العبادي حكومة منفى، ولم تكن في الداخل».
مثلت كلمات وتصريحات رموز القوى الحاكمة في احتفالات تأسيس «الجيش العراقي» هروباً إلى أمام من مواجهة المهام الوطنية، وعودة إلى الوراء في التبعية لبعض الدول الإقليمية الراعية لها إبان فترة معارضتها لنظام صدام حسين. ولم يتخلف الإعلام الرسمي عن تقديم طبعة جديدة– قديمة عن الخطاب الرسمي للنظام السابق في تخوين كل من لا ينجرف مع موجة الهتاف للحشد الشعبي ولجيش الفضائيين، بل وتطوع كتاب الكلمة المدفوعة الأجر من أبواق مرحلة ما قبل 9 نيسان 2003 وما بعدها، إلى تخوين كل صاحب موقف وطني رافض لتحويل المعركة ضد «داعش» من معركة وطنية إلى معركة شد عصب طائفي.
إن استعادة هيبة الجيش الوطني العراقي مهمة مستحيلة إن لم تتوفر الإرادة الوطنية المتحررة من قبضة الغازي الأمريكي واتباعه من القيادات السياسية الإقطاعية والطائفية، ناهيكم عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني.
*منسق التيار اليساري الوطني العراقي