ذلك «المجهول» الذي يساعد «داعش»!
مع بدايات الانتهاك العدواني الذي يشنه طيران «التحالف الدولي» في المنطقة بقيادة الولايات المتحدة، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، ستيف وارين، إن أحد الطرود العسكرية الجوية «ضلَّ طريقه» (ساقطاً في منطقة يسيطر عليها داعش) وجرى تدميره، ليتحدث بعدها عن طرد آخر ضل طريقه أيضاً وسقط في أيادٍ داعشية، لكن هذه كانت البداية.
في قضاء «بلد» التابع لمحافظة صلاح الدين، عبَّر أهالي المنطقة عن استنكارهم واستهجانهم للدعم الأمريكي الواضح لمقاتلي تنظيم «الدولة»، ففي نهاية كانون الأول الفائت أكد قائمقام القضاء، مفيد البلداوي، أن إحدى طائرات «التحالف» قامت بإسقاط بالون على منطقة «الخضيرة الشرقية» التي تخضع لسيطرة «داعش» والمحاصرة من القوات الأمنية وفصائل المقاومة الشعبية، وهو ما تأكد بعد عرض مقاطع على الإنترنت تظهر سقوط البالون في المنطقة المذكورة. كما أن مساعدات أخرى أنزلها «التحالف» فوق منطقة أمرلي، التي يسيطر عليها التنظيم. ومؤخراً، وفي تصعيد رسمي، أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، عن امتلاكها وثائق مصورة تؤكد دعم الولايات المتحدة لـ«داعش» من خلال إلقاء الطائرات الأمريكية معدات عسكرية لعناصر التنظيم.
أما في سورية، فكانت أحداث عين عرب- كوباني، تحديداً في أسابيعها الأولى، خير دليل على تواطؤ «التحالف» في ضرباته الجوية التي هي بطبيعة الحال ضربات عدوانية، حيث استقدمت «داعش» أعداد كبيرة من المقاتلين المجهزين بأسلحة ثقيلة من مدفعية ودبابات، ذلك تحت أنظار الطائرات وبرعاية تركية- أمريكية مباشرة للدواعش. واستتبع بعدها بإلقاء كميات كبيرة من الأسلحة في مناطق سيطرة التنظيم، قيل إنها لمساعدة القوات الشعبية المدافعة عن عين العرب- كوباني، فيما أشار تقرير أمريكي نشره موقع «ديلي بيست» بتاريخ 19/10/2014 إلى أن المساعدات الأمريكية الغذائية والطبية وسواها والممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية، حصل عليها إرهابيو «داعش» خاصة في دير الزور والرقة، وتبع ذلك تأكيد مصدر من الخارجية الأمريكية هذا الأمر.
المقاومة الشعبية تسقط أهداف «التحالف»
يدرك الأمريكيون أن المطلوب هو تدخل عسكري مباشر، لكن بلحم ودم شعوب المنطقة، يستدعي «إدامة الاشتباك» إلى أطول مدى زمني ممكن. وكان المخطط في عين عرب- كوباني، مذبحة كبيرة على يد «داعش» تشرعن التدخل العسكري التركي، بحجة حماية المدنيين من جهة، وإرضاء الحليف التركي بنفوذ إقليمي ما على حساب دول الجوار من جهة أخرى، وهو ما دفع «التحالف» للتغاضي عن تقدم «داعش» نحو عين عرب- كوباني في البداية، ودعمه لها في مرحلة لاحقة، كرد فعل على صمود المقاومة الشعبية.
إن سياسة دعم الإرهاب والتطرف في المنطقة، هي ضرورة أمريكية بحتة وتطور العلاقة بين الولايات المتحدة و«القاعدة» سابقاً تبرهن الارتباط الوثيق بين الإدارة الأمريكية والتنظيمات المتطرفة، والتي تستخدمها الولايات المتحدة لتقديم نفسها كمخلص للشعوب. عليه، فإن دفع نموذج المقاومة الشعبية نحو واجهة العمل ضد التنظيمات المتطرفة، كفيل بتسريع قطع أذرع الفاشية الجديدة في المنطقة، وتخفيض التكاليف البشرية والمادية التي تسعى الولايات المتحدة وحلفاءها إلى رفعها ضمن مشروع خارطة الحريق.