«ترشيد الإنفاق» يفاقم من معاناة الطبقة العاملة الكويتية
استقبل المواطنون والمقيمون في الكويت العام الجديد مصحوباً بموجة جديدة من الغلاء ورفع الأسعار لعدد من السلع والخدمات وذلك في أعقاب القرار الحكومي بخفض الدعم عن الديزل والكيروسين وزيادة أسعارهما، وهي الزيادة التي جرت في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط ناهيك عن أنّ هذه الزيادة قد تجاهلت تحذيرات وزارة التجارة والصناعة من العواقب التضخمية لهذه الزيادة وانعكاساتها السلبية على أسعار العديد من السلع والخدمات.
ونحن ندرك أنّ قرار زيادة أسعار الديزل والكيروسين إنما هو مقدمة لقرارات مشابهة ستطاول زيادة أسعار البنزين والكهرباء والماء؛ وخفض الدعم أو إلغائه عن المواد الغذائية الأساسية المشمولة في البطاقة التموينية، وغير ذلك من أوجه تقليص بنود الإنفاق الاجتماعي، وبينها قرار وقف علاوات الموظفين وتأجيل ما يسمى "البديل الاستراتيجي" الموعود للمزايا الوظيفية، هذا غير رفع نسبة الاستقطاع من الراتب للاشتراك في التأمينات الاجتماعية تحت ذريعة استحداث مكافأة نهاية الخدمة على نحو مشوّه بحيث يتحملها بالأساس العامل أو الموظف وليس رب العمل، مثلما يفترض.
إنّ هذه القرارات والسياسات تمثل في مجموعها جزءاً من هجمة أشمل ستشنها السلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مستوى معيشة الطبقة العاملة والفئات الشعبية متدنية الدخل وعلى حقوقها المكتسبة وذلك بهدف تحميلها العبء الأكبر من العجز المنتظر للميزانية العامة للدولة جراء انخفاض أسعار النفط... وفي هذا السياق فإنّنا نحذر من أنّ هذه الهجمة الطبقية المعادية لمصالح الجماهير الشعبية ستستهدف من بين ما ستستهدف خصخصة الجمعيات التعاونية وتحويلها إلى شركات تجارية لإحكام سيطرة رأس المال الخاص على تجارة التجزئة؛ ولتصفية وجود أي شكل من أشكال الملكية العامة والملكية الاجتماعية، بالإضافة إلى التوجه لفرض ما يسمى ضريبة القيمة المضافة على المستهلكين، وهذا ما سيزيد من معاناة الطبقة العاملة والفئات الشعبية متدنية الدخول أكثر فأكثر، وذلك في الوقت الذي تطلق فيه السلطة أيدي كبار الرأسماليين من دون أي ضوابط للاستحواذ على مقدرات البلاد وللانتفاع شبه المجاني من أملاك الدولة والتنفيع المتواصل عبر المناقصات والعقود الحكومية، وسن القوانين التي تخدم مصالح كبار الرأسماليين، وآخرها التعديلات التي أجريت على مشروع قانون الوكالات التجارية.
وإزاء هذا فإننا في التيار التقدمي الكويتي ندعو الجماهير الشعبية والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية إلى التصدي لهذه الهجمة على مستوى المعيشة وكذلك إلى الضغط على السلطة من أجل إجبارها على اتخاذ إجراءات سريعة لمراقبة صارمة على أسعار السلع، وتقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي، وتوسيع قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية بالنسبة للمواطنين أصحاب الدخول المتدنية، ونؤكد على ضرورة اعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك) مع تفعيل المادة الرابعة من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، التي تقضي بأن "يُعاد النظر كل سنتين على الأكثر في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة".
كما أننا في التيار التقدمي نتمسك بموقفنا الداعي إلى عدم المساس بالحقوق الاجتماعية المكتسبة، وإعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ومراعاة الظروف المعيشية للطبقة العاملة والفئات الشعبية من المواطنين والمقيمين، ورفض التوجه الحكومي لتخفيض أو إلغاء الدعم الخاص بالخدمات العامة والسلع الأساسية، وكذلك رفض التوجه لخصخصة الجمعيات التعاونية.
الكويت في 4 كانون الثاني 2015
التيار التقدمي الكويتي