عربدة الولايات المتحدة ستكلف العراق 500 مليار دولار!
أعلنت الإدارة الأمريكية أن مبيعاتها من السلاح للعراق قد بلغت هذا العام العشرة مليارات دولار، في وقت تشكو فيه «الحكومة العراقية» من تلكؤ أمريكا للإيفاء بالتزاماتها وفق ما يسمى بـ«اتفاق المصالح الاستراتيجي» وتركها العراق دون غطاء جوي.
تشير المعلومات المنشورة إلى أن جل ما تسلمه العراق خلال العام هو أسلحة «خردة». بالمقابل، تمكنت روسيا من تسليح الجيش العراقي بمختلف الأسلحة، بما فيها الطائرات، رغم جميع المحاولات الأمريكية لعرقلة هذا التوجه الروسي لدعم عملية إعادة بناء الجيش العراقي.
لم تكتف الإمبريالية الأمريكية بعقود من السياسة التدميرية المنهجية للعراق، فمنذ انقلاب المخابرات الأمريكية في 8 شباط 1963، الذي أسقط حكومة ثورة 14 تموز الوطنية التحررية، مروراً بالانقلاب الأمريكي الثاني في 17 تموز 1968، وزج العراق بالحرب ضد إيران 1980 وتوريط الدكتاتور (رجلها) في غزو الكويت، ومن ثم فرض الحصار الشامل حتى احتلال العراق 2003. ها هي بعد عشر سنوات من النهب والهيمنة المباشرة تزج العراق في أتون حرب طائفية فاشية تستهدف تفتيت البلاد وتمزيقها إلى إقطاعيات طائفية اثنية متحاربة.
أما مطاياها من القوى الرجعية المتاجرة بالدين والطائفة والقومية، ففي استسلام تام للسيناريو الأمريكي، حيث جاء قبول العربدة الجوية الأمريكية وسط توسل هذا الطرف أو ذاك بعودة قوات الاحتلال، بحجة عدم قدرة العراق على تحرير أراضيه المغتصبة على يد «داعش» الأمريكية التصنيع! وبدا أمر إقامة القواعد الجوية في الحبانية أو حرير- أربيل التي لا تبعد سوى 250 كم عن روسيا، ومسافة قصيرة عن إيران، وكأنه تحصيل حاصل «عملية الحماية الأمريكية» للعراق ضد الإرهاب. ويتواصل تدفق الجنود الأمريكيين بالألاف تحت تسمية «خبراء».
كما جاء الإعلان الأمريكي عن تكلفة الحرب المتوقعة على «داعش» بـ 500 مليار دولار لتبلغ الشعب العراقي بالمصادرة المسبقة لدخله الوطني النفطي بأوقح عملية قرصنة دولية لنهب الشعوب في التاريخ الحديث. وهي رسالة إذعان مسبق لدعاة التقسيم من أمراء الحرب ورهن إماراتهم الطائفية الاثنية التي يتاجرون بها كضمانة للسيد الإمبريالي مقابل تنصيبهم «حكاماً» عليها.
ولعل النتيجة الوحيدة الملموسة للقصف الأمريكي وتحالفها «الدولي» المزعوم من الناحيتين العسكرية واللوجستية، هي توفير الغطاء الجوي لتقدم داعش وخوضها المعارك الهجومية على مساحة واسعة من الأراضي العراقية والسورية، بل وإيصال السلاح لها بحجة إنزاله بالخطأ. هذا ناهيكم عن تسهيل عمليات سرقة وتهريب النفط والغاز من البلدين ووصوله إلى تركيا والكيان الصهيوني بأسعار أطاحت بسعر أوبك.
إن أمريكا التي شيدت في المنطقة الخضراء أكبر وأضخم سفارة في تاريخ البشرية. مساحتها 104 هكتارات أي أكبر بستة إضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف حجم سفارتها في بكين. فيها 20 مبنى، وأكثر من ألف «موظف» ميزانيتها الإدارية السنوية مليار دولار. لم تغادر العراق وسوف لن تغادره إلا في حالة واحدة، هي ثورة الشعب لإنقاذ الوطن من الضياع على يد مطاياها خونة الشعب والوطن، ورميهم في مزبلة التاريخ. الثورة الشعبية المفضية إلى إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية، باقتصادها الوطني القادر على تلبية حاجات الشعب، وفي المقدمة منها الحياة الحرة الكريمة الآمنة في ظل نظام العدالة الاجتماعية.