فرنسا تعرقل تعافي «منطقة اليورو»!
في الوقت الذي تصارع فيه أوروبا لتجاوز أسوأ مراحل أزمة الدَين التي أصابتها، تتحول فرنسا، وبشكل متزايد، إلى مصدر قلقٍ يهدد عملية التعافي الاقتصادي هذه.
ظل الاقتصاد لفترة طويلة يسير بمحاذاة الركود، فقد حذر رجال اقتصاد أثناء اجتماع لهم عُقد مؤخراً، من أنه في حال لم تضاعف الحكومة الفرنسية - إلى جانب نظيرتها الألمانية - جهودها لتحسين النمو، فمن شأن هذا أن ينعكس سلباً على آفاق الوصول إلى تعافٍ أوسع في «منطقة اليورو».
طريق النمو غير سالك
في مقابلة له على هامش الاجتماع المذكور، أشار برتراند بادري، كبير المسؤولين الماليين والمدير الإداري في مجموعة «مصرف العالم*» في واشنطن، إلى أن: «ضعف فرنسا بات واضحاً»، مضيفاً: «لا أقصد أن على فرنسا وألمانيا أن تهيمنا، لكن عدم تمكننا من إيجاد حلٍ سوية قد يضعنا أمام مشكلة».
وقد تمت إثارة هذا الموضوع من جانب «دائرة الخبراء الاقتصاديين*» بشكل متكرر خلال أيام الاجتماع الثلاثة، بالتزامن مع قيام نخبة صناع القرار الأوروبي ورجال الاقتصاد بتناول ما قد أصبح أكثر القضايا إقلاقاً حول أوروبا، والتي تتلخص بأنه ورغم جميع الخطوات التي اتُخذت لوضع البلدان المأزومة على سكة تجديد النمو، إلا أن عملية التعافي ما زالت تسير حتى هذه اللحظة ببطء شديد.
وهم العلاج بالصدمة
إن الاستثمار في أوروبا الآن أقل بحوالي 20% مما كان عليه قبل اندلاع الأزمة، بينما بقي الاستثمار العام - وخاصة على طول الساحل الجنوبي لأوروبا - مضبوطاً بشدة نظراً للقيود المفروضة على الميزانية.
بعد عامين من دعوة ألمانيا للحكومات الأوروبية لتخفيض الإنفاق الحكومي ورفع الضرائب، بهدف تعديل حساباتها القومية وإصلاحها، بدأ صانعو السياسيات بمناقشة الحاجة لاستخدام أسلوب الصدمة في برامج الاستثمار العام - وخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية - لتعديل التباطؤ الذي عمقته التدابير التقشفية.
وفق تقرير صادر عن «مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز للاستشارات PwC»، فإن أوروبا ستمثل 10% فقط من مجمل الإنفاق العالمي على البنى التحتية بحلول عام 2025، بعد أن كانت تمثل حوالي 20% قبل عدة سنوات. في الوقت الذي ستمثل منطقة آسيا - الباسيفيك ما يقرب من 60% من هذا الإنفاق.
فرنسا... الرجل الأوروبي المريض
تمكنت فرنسا من تحصيل موافقة شركائها الأوروبيين على تأجيل الموعد النهائي المقرر لتخفيض عجز ميزانيتها إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي تخطط الحكومة الفرنسية حالياً للوصول إليه في عام 2015. ومن جانبه، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى إعفاء الإنفاق الاستثماري من أرقام العجز في محاولة منه لإعادة تنشيط اقتصاد بلاده.
ورغم هذا، فقد حذرت السيدة لا جارديه الدول التي تسعى لتجنب الوقوع في الانكماش إلى عدم زيادة ديونها الوطنية المرتفعة أصلاً، وهي المشكلة التي كانت في صميم أزمة منطقة اليورو. وفي هذا السياق، قالت لا جارديه: «إذا لم تكن في وضع يضمن الاستقرار على المدى المتوسط، فلا يمكنك القيام باستثمارات رئيسية للبنية التحتية، بل يجب القيام بهذا الأمر على قاعدة «كل حالة على حدة».
هوامش :
مصرف العالم* : يتألف من 5 مؤسسات وهي المصرف الدولي للإنشاء والتعمير - المؤسسة الدولية للتمويل - المؤسسة الدولية للتنمية - وكالة ضمان الاستثمارات متعددة الأطراف - المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية.
دائرة الخبراء الاقتصاديين* : مركز أبحاث فرنسي.
•عن صحيفة «نيويورك تايمز».. بتصرف