الحل السياسي في أوكرانيا.. محرقة الفاشية الجديدة
يقول السيناتور الجمهوري، جون ماكين: «إن السياسة الخارجية العاجزة التي ينتهجها أوباما، هي من شجعت بوتين، للقيام بخطواته العدوانية» ملمحاً إلى أن الرئيس أوباما يتمتع بشخصية مهادنة.
وما لبث السيناتور «الحربجي», أن توجه إلى أوكرانيا، ليؤكد أن هناك جانباً أمريكياً آخر يمتلك «العزم والكفاءة والقوة»، في مقابل الجانب الذي يضم الرئيس «العاجز»، والفريق القائم على سياسته الخارجية.
رعب الحلول السياسية
تُظهر هذه الإشارات، التي لمعت في الحدث الأوكراني، حالة الإدارة الأمريكية في انقسامها وتوافقها على طريقة التعاطي مع الملفات الدولية. فالتيار الفاشي الجديد في الإدارة الأمريكية يرفض إقامة تسويات سياسية تعيد رسم خارطة العالم الجديد، المبنية على الأوزان الحقيقية للمراكز الاقتصادية الأساسية، وضمناً أمريكا المتضخمة اقتصادياً، والتي من غير الممكن بقاؤها كقطب اقتصادي مهيمن، في حال قيام تسويات سياسية على صعيد عالمي، على نهج «اتفاق يالطا»..
وهنا يأتي امتناع القوى المتشددة، المشابهة لطبيعة القوى الفاشية في الربع الأول من القرن المنصرم, كونها تمثل تيار رأس المال المالي العالمي الذي سيكون الخاسر الأكبر في ظل التراجع المحتمل للدولار عن الساحة الدولية، كعملة تبادل أحادية وسلعة بحد ذاتها, إضافة إلى تقليص مساحات الحرب على الكرة الأرضية، ما يقلل من صفقات السلاح اللاحقة. فاعتماد التيار الفاشي الجديد اقتصادياً يكمن في ريع الدولار والسلاح كسلعتين يجب الحفاظ عليهما بشتى الطرق..
أذرع الفاشية في أوكرانيا
إن الرعب من الحلول السياسية، التي تدفع باتجاهها قوى دولية أساسية كروسيا والصين، ومن خلفهما دول «البريكس» ومنظمة «شنغهاي», إضافة إلى الذعر الأوروبي من احتمالات الانفجار على الحدود الشرقية، وبالتحديد ألمانيا التي تؤكد، منذ بداية الأزمة الأوكرانية، على أحادية الحل السياسي للأزمة الأوكرانية, وإيطاليا التي أعلنت على لسان «برلسكوني» تأييد سياسية بوتين في شبه جزيرة القرم. هي علامات خنق لمشروع «خارطة الحريق», والتي يتبناها التيار الفاشي الجديد في الإدارة الأمريكية, ما يدفع هذا التيار للرمي، بكل ثقله، في الساحة الأوكرانية، بعد فشله وخسارته الجزئية حتى الآن في ساحات أساسية كسورية ومصر..
الكيان «الإسرائيلي» داعم للفاشية
في المقابل، يظهر التدخل «الإسرائيلي» مباشراً في الشأن الأوكراني، حيث قالت مصادر إعلامية أن موسكو اتهمت الملياردير اليهودي الأوكراني كولومويسكي بتمويل القوى المتطرفة الفاشية، كما منعت «إسرائيل» بتاريخ 14/5/2014 سفينة عسكرية روسية من الرسو في ميناء حيفا مبررة ذلك بخوفها من التجسس الروسي. وفي وقت سابق أكد برنار ليفي الصهيوني الشهير، أوائل الأزمة، من قلب ميادين الاحتجاجات في كييف، على أن أوروبا لن تكون مكتملة مالم تنضم إليها أوكرانيا, كما أعلنت «الوكالة اليهودية» عن تقديم مساعدات عاجلة وفورية إلى يهود أوكرانيا، والعمل على زيادة وسائل الحماية في المؤسسات اليهودية, ما يؤكد استماتة الفاشية في الحفاظ على حالة العنف الناشئة, حتى الدفع بإسرائيل، أحد أهم أذرعها في المنطقة، وأكثرها ارتباطاً بالصهيونية العالمية إلى قلب المعركة في أوراسيا, والتي سبقها ضمانات من المجر لاستيراد الغاز «الإسرائيلي»، كبديل عن الغاز الروسي, بل حتى منح «إسرائيل» الحق بالوصول إلى مخازن الغاز التي تمتلكها, وتقديم نفسها كمركز لتوزيع الغاز الروسي في أوروبا الوسطى!
إن تعقد الملفات على مستوى العالم، وتشابكها حد الارتباط, وعدم انجرار القوى الصاعدة لصدامات تخدم المشروع الفاشي الجديد, تضغط كلها باتجاه إنجاز الحل للملفات المتفاقمة دولياً، وفي مقدمتها الملف الأوكراني, لكن بأحد الاتجاهين, إما الإحراق في حال نجاح الفاشيين الجدد، في تصعيد حالة العنف في أوكرانيا ومحيطها, أو المضي في طريق الحلول السياسية، في حال صدق الأنباء الأخيرة عن محادثات مرتقبة بين الحكومة الأوكرانية والـ «انفصاليين» في دونيتسك.