الروس وحلفاؤهم.. لمواجهة الأزمة بالبدائل

الروس وحلفاؤهم.. لمواجهة الأزمة بالبدائل

عقب الأزمة الأوكرانية، فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية على روسيا، لتعلن رفع منسوب العداء والصدام، في محاولة للضغط على الروس لتغيير مواقفهم من الأزمتين السورية والأوكرانية. لكن، ماذا فعل الروس لتحصين أنفسهم من العقوبات، ومن السيطرة الغربية على بلادهم؟

الطريقة التي يخوض فيها الروس هذا الصراع هي اعتماد البدائل السياسية والاقتصادية، وليس المواجهة العسكرية مع القوى الدولية المحكومة بالتراجع. لذلك، يولي الروس اهتماماً وتركيزاً على بدائلهم، التي لم يكن آخرها البريكس والاتحاد الأوراسي، بالإضافة لإنشاء تحالفات دولية جديدة.

البريكس يضع حداً للشروط الجائرة

مع بدء الأزمة الاقتصادية العالمية ومن قبلها، كان الروس يدركون أن التحالفات الدولية القديمة، والمؤسسات الناتجة عنها، هي نتاج توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية، وإن تراجعاً أمريكياً غربياً سيحصل. لذا، كان من الضروري تكوين تحالف جديد يضم الدول الأكثر نمواً، لمواجهة الكوارث الناجمة عن تراجع المركز عن ضخ الاستثمارات في الاقتصاد العالمي، أي البدء بتكون فضاء سياسي واقتصادي جديد يكون بديلاً عن المنظومة القديمة، التي ستعمل على ضرب الروس بالمعنى الاقتصادي في حال تعقد الصراع. لذلك، يسارع الروس الخطا للتخلص من العلاقة مع المؤسسات القديمة بطريقة هادئة ومنظمة. وهنا، يمكن أن نقول إن الصراع بدأ بوجود طرفين متناقضين هما البريكس ومؤسسات صندوق النقد والبنك الدولي.
تم إنشاء البريكس في العام 2008، وضم الدول الأكثر نمواً بالعالم ــ الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا. ومع تعقد الأزمة الاقتصادية العالمية، بدأ التجمع يلعب دوراً مالياً أهم، حيث أنشأ البريكس، في العام 2014، صندوقاً مالياً يقدَّر رأسماله بـ 50 مليار دولار أمريكي. وبدأت الصين في عملية الإقراض الذي تجاوزت فيه صندوق النقد الدولي من حيث إقراضها للدول الفقيرة، بشروطٍ أقل بكثير وأكثر عدالة وضماناً لسيادة الدول المقترضة من الشروط التي يطلبها الصندوق.
وهنا، يمكن القول إن القوى العالمية بدأت تفرز نفسها، وتحدِّد شكل اصطفافها. وبدأ يتوضح كيف أن قوى دولية جديدة صعدت، رغم الاحتكار الأمريكي للمنظومة العالمية بشكلٍ كامل، وهذا أحد أشكال الصراع.

الأوراسي والتحالفات الجديدة لمنع الأزمات

يحاول الغرب ضم الدول التي تحيط بروسيا، بهدف التطويق والضغط أكثر على الدولة الروسية. لهذا، ظهر الاتحاد الأوراسي، كبديل عن الاتحاد الأوربي يمكنه خلق مجال أوسع لدول الاتحاد السوفييتي السابق، لحماية نفسها من مخاطر الانضمام لتحالفاتٍ ستفرض عليها شروطاً صعبة، تتضمن التأثير على سيادتها الوطنية. لذلك كان إنشاء الاتحاد الأوراسي بمثابة المتنفس لدول الفضاء الروسي.
ومع احتدام الصراع، يتسارع تواتر العمل لإنجاز الاتحاد الأوراسي الاقتصادي، ويذكر أن رؤساء كلٍ من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان اتفقوا، خلال قمتهم في آذار الماضي على أن يتم الانتهاء من إعداد مشروع معاهدة تأسيس الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بحلول أيار 2014، على أن تدخل الوثيقة حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2015. ومن المتوقع أن تنضم كل من أرمينيا وقرغيزيا إلى هذا الاتحاد أيضاً.
هكذا، يقوي ويحصن الروس أنفسهم بانتظار استحقاقات كبرى. فروسيا التي استدانت700 مليار دولار من الغرب سابقاً، بحسب وزير المالية الروسي، أليكسي كوردين، مضطرة اليوم إلى المسارعة في عملية الاندماج مع القوى الصاعدة عالمياً، كي تتجنب مخاطر أزمة تمويل قد تحدث، وتستمر بصعودها.