الغموض في برنامج حمدين صباحي!
بدأت الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة المصرية مقتصرةً على وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، ومؤسس «التيار الشعبي»، حمدين صباحي, واستبعاد «الإخوان المسلمين» ورموز «الحزب الوطني» عن الساحة السياسية، بما فيها الاستحقاق الرئاسي المنتظر..
يظهر حمدين صباحي أمام المصريين ببرنامج انتخابي ضخم للغاية، يوحي بحجم القضايا العالقة والماثلة أمام السلطة القادمة، أكثر مما يوحي بإجاباتٍ قاطعة على طموحات الشارع المصري في كل الأصعدة, فأغلب متتبعي الشأن المصري يلاحظون غياب الوضوح عن أكثر الملفات مركزيةً في الحالة المصرية.
تشخيص ناقص لسبب الأزمة اقتصادياً
إن ثورية أي برنامج يحمي طموحات الحالة الثورية المصرية تقتضي الجذرية والتوازي بين الخطين الوطني والاقتصادي- الاجتماعي. هذا، ويشتمل برنامج صباحي بمواقف اقتصادية- اجتماعية تطرح آليات عمل، دون أي إشارة إلى مكامن المشكلة الاقتصادية المعبر عنها بانتهاج الليبرالية الاقتصادية التي أوصلت مصر إلى انفجار 25 يناير، وإلى تصحيح المسار في 30 يونيو، بعد استمرار «الإخوان»، الأداة الأمريكية التي تمتعت بالجوهر الاقتصادي الاجتماعي نفسه لنظام مبارك، بسياسات صبغتها الأساسية هي استمرار الليبرالية ونظام توزيع الثروة ذاته. وعليه، لم ينطلق برنامج حمدين من تشخيصٍ واضح لجوهر المشكلة، مما جعل البرنامج قاصراً عن توجيه الإصبع نحوه مباشرة.
كامب ديفيد في وجه الوطنية:
«فيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، فهي محل التزام واحترام في إطار ما تقرره مؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطياً، وما يقرره الشعب المصري في استفتاء شعبي على أي من المعاهدات التي قد(؟) تحتاج مراجعات، بما يحافظ على مصالح مصر ويصون حقوقها ويضمن استقلالها».
لم يكن صباحي موفقاً عندما رمى «كامب ديفيد»، بكل ما تضمنه من انتقاص للسيادة الوطنية المصرية، إلى ملعب الشعب ليقرر هو مصير هذه «المعاهدة».
فالمرشح الذي طرح نفسه كملتزم بناصريته، لم يلتفت إلى أن كل التأييد الذي لاقته التجربة الناصرية كان مؤسساً ومبنياً على التزامها بالقضية الوطنية، وتكريس الصهيونية كعدو أساسي للشعب المصري، وكعثرة في وجه تثبيت الأمن القومي المصري.
وبعيداً عن الحالة الناصرية، التي كان على صباحي التقاط أهم سماتها على الصعيد الوطني، فإن مشروعاً وطنياً جامعاً للمصريين لا يمكن أن يكتسب صفة الجذرية، التي تحتاجها الحالة المصرية، بحكم التحديات الراهنة داخلياً وإقليمياً, دون إجابات قاطعة على قضايا وطنية جوهرية، في مقدمتها الموقف من «كامب ديفيد».
إن الربط العميق بين القضايا الاقتصادية- الاجتماعية والوطنية والديمقراطية، يتطلب نموذجاً اقتصادياً منحازاً، بكليته، إلى طبقات الشعب المنهوبة، ومتلازماً مع موقفٍ وطنيٍ واضح اتجاه الغرب الاستعمار، وقاعدته المتقدمة «إسرائيل». فحجم المشاكل الموجودة في الشارع المصري وصلت اليوم إلى وضعٍ خطر، يتطلب من مرشحي الرئاسة الارتقاء إلى مستوى المسؤوليات، لإنقاذ مصر من مخاطر السياسات الرجعية المتبعة سابقاً، ببرامج مضادة تبني معالم ثورة حقيقية، على الصعد كافة.