إجراءات الأردن: هل تكفي لمنع الحريق؟
حاربت الأردن، من موقع الحفاظ على التكوين الجغرافي السياسي للمملكة، كل المشاريع الوحدوية التي ظهرت بالمنطقة، وكانت في الوقت عينه خط دفاع متقدم عن الرجعية العربية، في مواجهة التيارات اليسارية الثورية و القومية العربية.
والآن، تظهر الأردن رفضاً للمشروع الإسلامي القطري الإخواني، أو حتى الوهابي السعودي، حيث نجاح أحد المشروعين يعني حكماً اختفاء المملكة. وبالتوازي، تلجأ الأردن إلى المهادنة، حيث يمسك الحكم الأردني العصا من المنتصف، كي لا يسمح للقوى المتشددة بالظهور، حيث يؤدي الفراغ الناشئ عن عدم وجود مشروع ورؤية للمستقبل عند المنظومة السياسية الحالية، بالصدام بينها وبين القوى المتشددة، التي عملت الأردن على تصديرها لسورية، غير أنها أصبحت تشكل خطراً عليها، بسبب انتشارها وخروجها عن السيطرة في سورية، والخوف من ارتدادها على الأردن، والدخول في حرب أهلية تؤدي إلى زعزعة الحكم، أو حتى الإطاحة به.
تشديد أمني منعاً للانفجار
ولأن التاريخ لا يعرف المراوحة، فإما التقدم أو التراجع، لذلك فالمملكة بدأت ببعض التغييرات، كي تستطيع النفاد من التراجع، أي سيطرة القوى المتشددة على المشهد. قانون جديد للإرهاب، مع منحة مالية خليجية، وقانون جديد للأحزاب: تعديل على قانون الإرهاب لعام 2006.
وبعد فتحها المجال لدخول وتدريب المقاتلين، انطلاقاً من أراضيها، استشعرت المملكة الخوف من ارتداد المقاتلين إلى أراضيها، فأصدر مجلس النواب الأردني، يوم الثلاثاء 23 نيسان 2014، تعديلاً على قانون الإرهاب: «يعتبر الالتحاق، أو محاولة الالتحاق، بأي جماعة مسلحة أو تنظيمات إرهابية، أو تجنيد أشخاص للالتحاق أو تدريبهم لهذه الغاية، سواء داخل المملكة أو خارجها، أعمالاً إرهابية محظورة»، وتصل عقوبة «الإرهابي» للإعدام وفق التعديل الجديد. وكانت الأردن قد شددت إجراءاتها الأمنية على الحدود السورية للداخلين للمملكة، حيث اعتقلت السلطات بعض السوريين المتسللين، وحاكمت بعضاً منهم، وفقاً لوكالة «فرنس برس».
«تغييرات» ومعونات
للحفاظ على النظام
هذا على مستوى حظر النشاط «الإرهابي» قانونياً، أما من أجل ضمان عدم خلق ونشوء بيئة حاضنة للإرهاب في الأردن، فهي تعمل على تنفيذ بعض الاصلاحات التي تعتقد أنها ستبرد هشاشة حطبها الداخلي. حيث أصدر البرلمان الأردني قانوناً جديداً للأحزاب، يبدو أنه أكثر مرونة من القانون السابق، فيكفي 150 شخصاً لإنشاء حزب، ولا يشترط أن يكونوا من سبع مدن، كما لا يشترط نسب تمثيل الشباب والمرأة، وكل ذلك في سبيل التهدئة مع الشارع الأردني، الذي يطالب بتغييرٍ يمس معيشته ويحسِّن سبل حياته.
وفي السياق نفسه، حصل الأردن على معونة خليجية بقيمة خمسة مليار دولار من المتوقع استثمارها لمنع الانفجار الداخلي الشعبي. لكن يغدو السؤال، مع التغيرات الكبيرة في الموازين الدولية، وانعكاسها على موازين القوى المحلية، ومع تقدم قوى الفاشية العالمية، المتمثلة بـ «القاعدة» وتوابعها، والدعم الذي تحصل عليه من المراكز المالية العالمية، هل يكفي الأردن ما فعل لتجنب الاحتراق؟