الثورة المصرية تزمجر من جديد

الثورة المصرية تزمجر من جديد

ماو تسي تونغ حاضراً

قبل سبعة عقود خاطب ماو تسي تونغ جماهير الشبيبة الصينية بكلمات حللت الوضع السياسي في الصين أثناء الثورات والانتفاضات التي اشتعلت فيها في أوائل القرن العشرين ومنها ثورة 1911 التي أسقطت الإمبراطور، وقال «انظروا: لقد طردت ثورة 1911 الإمبراطور، ألم يكن هذا نجاحاً؟ أما الفشل في ثورة 1911 فهو أنها اقتصرت على طرد الإمبراطور فبقيت الصين كما هي في السابق تحت نير الاستعمار والإقطاعية ولم تنجز المهمات الثورية التي هي مقاومة الاستعمار والإقطاعية)..

ثورة الغضب المصرية الثانية

تحت شعار «أنا مصري ماحستش بالتغيير ونازل تاني التحرير» أطلق شباب ثورة 25 يناير وشباب 6 ابريل صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» باسم ثورة الغضب المصرية الثانية،هذا الشعار العفوي والبسيط باللهجة المصرية ما هو إلا تعبير عفوي عن عدم تغيير أوضاع الطبقة العاملة المصرية وبقاء مستوى المعيشة كما هو وبقاء الفوارق الطبقية الهائلة بين البرجوازية والطبقة العاملة.

فبحسب تقارير مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية حول الأجور في مصر يتقاضى عمال القطاع الخاص 300 جنيه شهرياً، وعمال القطاع العام يتقاضون 400 جنيه في الشهر، أما كبار الموظفين كالوزراء ومستشاريهم وكبار الضباط فيتقاضون ما بين 50- 250 ألف جنيه شهرياً. وهذا ما يفاقم النقمة الشعبية تجاه نظام السادات/ مبارك، ليشعل ثورة 25 يناير التي أسقطت مبارك وقسماً من كبار رجال الأعمال معه.

في إسقاط كلمات «ماو» على الحالة المصرية نجد أن إسقاط مبارك كان نجاحاً للثورة ولكن لكي تحافظ الثورة على نفسها يجب إتمام مهماتها الثورية في العدالة الاجتماعية ومزيد من الحريات الديمقراطية الحقيقية التي تصب في مصلحة الطبقة العاملة صاحبة القرار الفاصل في كل تغيير. ولكن ما يجرى يفيد أن أوضاع الطبقة العاملة المصرية بقيت كما هي ولم تتغير، لذلك تنزل الجماهير المصرية العريضة إلى ميدان التحرير في 27 أيار الجاري بعد كل ما جرى من محاولات للالتفاف على الثورة المصرية واحتجاجاً على تجاهل المجلس العسكري لمطالب الشعب وتجاهله لدماء الشهداء وزيادة عدد الاعتقالات في الفترة الأخيرة والمحاكمات العسكرية للمدنيين وخطف الناشطين السياسيين من الشوارع ومحاولة خلق فالق وهمي وصراع طائفي لإبعاد وعي الجماهير الاجتماعي عن التغيير الثوري نحو الصراعات الثانوية بعد حوادث تفجير الكنائس وإحراقها.

بكلمة أخيرة، إن الطبقة العاملة المصرية بدأت تعي ذاتها وهي تعمل باتجاه تحقيق مطالبها عبر الثورة ولن تقبل بحلول إصلاحية تحاول الالتفاف عليها، فهي، أي الطبقة العاملة المصرية، هي وحدها من تمتلك القدرة على جعل الثورة المصرية تزمجر من جديد.