ملوك السعودية والمهام الأمريكية المتغيرة (2/2)
استلم فيصل الحكم عام 1964 بعد الإطاحة بحكم أخيه سعود، والذي بدا أكثر رغبة في الحفاظ على العرش الملكي، ويرى البعض أن هذه الفترة هي الأشد خطراً على وجود آل سعود وعلى المصالح الأمريكية في المنطقة.
كان الوجود المصري في اليمن مؤرقاً لفيصل الذي أبرق للرئيس الأمريكي جونسن قبل حرب 1967 يقول، وذلك وفقاً لما جاء في نص كتاب (عقود من الخيبات) للكاتب حمدان حمدان: (من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعاً، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكرياً وإعلامياً، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا في الوجود).
كذبة «المقاومة الفيصلية»...
نجح فيصل بتنفيذ المهمة المطلوبة واغتيل ناصر، ونُصّب السادات الذي كان يحتفظ بعلاقة طيبة مع فيصل رغم الحرب باليمن، ووفقاً لما جاء في صحيفة «الواشنطن بوست» عام 1977، فإن السادات كان يتلقى راتباً ثابتاً من فيصل. وهنا يقول كيسنجر في مذكراته: (يجب أن تظهر تجربة ناصر فاشلة ولا بد من إظهار فيصل كرمز مقاوم). حيث ادعى السعوديون وقوفهم إلى جانب مصر وسورية في حرب 1973 عندما خفضت السعودية امداد النفط لأمريكا بمعدل 5% فقط لمدة شهر، لكن هذا الإجراء ضاعف أرباح الشركات الأمريكية سبع مرات عما كان يربحه العرب من نفطهم.
دعم فيصل ضرب المقاومة الفلسطينية في الأردن وفي رسالة وجهها للملك حسين عام 1969 الواردة في كتاب «عقود من الخيبات» يقول فيصل: (لا يسعني إلا أن أكرر نصحي للاستفادة من هذا الوقت السانح لجلالتكم بمبادرة القضاء المبرم على هذه المقاومة فبادروا أيها الأخ العظيم قبل أن يحدث ما نتوقعه بين يوم وآخر، وما نخشى عقباه باستبدال حكمكم لا قدر الله، بحكم هذه المقاومة الفلسطينية، ومن ثم يأتي دورنا نحن، حين يتحول الأردن من دولة شقيقة إلى وبال ثورة علينا، فننشغل بمحاربة ثورتين شيوعيتين، واحدة فى جنوب مملكتنا والأخرى في شمالها).
محاصرة إيران وضرب مقاومة «إسرائيل»
قُتل فيصل على يد ابن أخيه «فيصل بن مساعد»، وتقلد أخوه خالد بن عبد العزيز الحكم ليباشر سياسية ضخ الأموال لشراء بعض القيادات ضمن الأنظمة العربية، ودعم خالد صدام حسين في حربة ضد إيران، وبدأت السعودية تنفيذ مهمة محاصرة إيران. لاحقاً وفي عام 1982 استلم الملك فهد الحكم إبان الاجتياح الإسرائيلي ضد المقاومة الوطنية في لبنان، ورعت السعودية لاحقاً اتفاق «الطائف» الشهير الذي كرس التقسيم الطائفي للبنان. أما الملك الحالي عبدالله فقد أطلق «مبادرة السلام العربية» مع الكيان الإسرائيلي والتي ليست إلا مبادرة استسلام...
لا يمكن رؤية الدور السعودي بمعزل عن ضرورات الإدارة الأمريكية بالمنطقة، ولم يتغير هذا الدور رغم التراجع الأمريكي على الصعيد العالمي، إلا أن هذا الدور سيكون أعلى تكلفة على المملكة والعائلة الحاكمة طالما أن الولايات المتحدة تعاني من أزمة خانقة..