رسالة مفتوحة للفريق عبد الفتاح السيسي هنا القاهرة ... من دمشق عام 1956
لماذا استدعى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي شغل سابقاً منصب مدير المخابرات الحربية- رئيس المخابرات الحربية القطري أحمد بن ناصر بن جاسم- وأبلغه احتجاجاً شديد اللهجة على زيارته السرية للقاهرة فى 11/1/2013
واجتماعه سراً مع قادة الإخوان وعلى رأسهم خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين؟ ولماذا أكد الفريق السيسي أن مصر «مش سايبة»، وأن زيارة المسؤول القطري يجب أن تتم بالتنسيق مع الأجهزة الرسمية للدولة؟
خبر بعنوان (للمرة الثانية.. رئيس المخابرات العسكرية القطري يلتقي قادة الإخوان سرًّا) التحرير 11/1/2013.
الإجابة على هذا السؤال يمكن العثور عليها في خبر آخر بعنوان (قطر تقترح مجدداً إرسال قوات عربية إلى سورية) الميادين 12/1/2013.
فالإدارة الأمريكية تضغط على حلفائها الجدد للتدخل في سورية منذ فترة، وتقترح على لسان حليفها القطري إرسال قوات عربية (بما فيها قواتنا المصرية) لسورية. وحسبما صرح رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثان (أن إرسال الجيوش العربية لسورية ليس تدخلاً عسكرياً، بمعنى مناصرة طرف على طرف آخر، بل قوات لحفظ الأمن). لم يعد بإمكان إدارة أوباما إرسال قوات الناتو لغزو سورية واسقاط نظام الأسد، بعد الكارثة التى قام بها الناتو فى لييبا، وبعد الفيتو المتكرر لروسيا والصين. فأوكلت المهمة لمقاولين من الباطن يرأسهم حليفها القطري، وهو ما يفسر الزيارات السرية المتكررة لرئيس المخابرات الحربية القطري أحمد بن ناصر بن جاسم للقاهرة، وعقد اجتماعات سرية مع قادة الإخوان. الاجتماع الأول بعد انتهاء انتخابات الرئاسة المصرية، والثاني فى 11 يناير 2013. وما يفسر أيضاً غضب وزير الدفاع المصري، وقوله: إن مصر «مش سايبة»، وأن زيارة المسؤول القطري يجب أن تتم بالتنسيق مع الأجهزة المعنية.
وعموماً لم تكن زيارة رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني للقاهرة قبل زيارة رئيس المخابرات الحربية القطري ب 48 ساعة، مجرد صدفة، أو تجنباً لوقع كارثة اقتصادية وإفلاس مصر! أو للإغداق على المصريين بمليار دولار منحه، و4 مليارات أخرى وديعة، من أجل سواد عيونهم. خاصة وأن هذه الزيارات تتواكب مع عودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟ والتلويح بإعطاء مصر القرض!!.. والمقابل هو الذهاب لسورية، وإسقاط الأسد وتمكين الإخوان المسلمين هناك. «فكل شيء بثمنه». ولهذا يتم التنسيق بين رئيس المخابرات الحربية القطري وبين جماعة الإخوان المسلمين بشكل سري، ولهذا أيضاً تم استبعاد وزير الدفاع من هذا التنسيق، ما تسبب فى غضبه.
ومكتب الإرشاد يريد بكل تأكيد تمكين الإخوان في سورية، والعرض القطري سخي أيضاً، والصندوق يلوح بالقرض مرة أخرى.. وما على الإخوان إلا أن يطلبوا من الرئيس أن ينفذ مطالبهم بالذهاب إلى سورية، ويطلب من وزير الدفاع إرسال القوات المصرية لسورية لتمكين الإخوان وإسقاط الأسد، بعد أن فشلت كل محاولات الغرب ومليشياته الجهادية في إسقاطه.
وفي ظل هذه الزيارات المكوكية والإغراءات القطرية لمصر.. لابد وأن يأتب أيضاً قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في زيارة غير معلنة للإجتماع بالإخوان المسلمين. نشرت الصحف توقعات بخصوص ذلك تتمثل في أمرين: الأول هو الاستفادة من الخبرة الإيرانية في قمع المظاهرات وإنشاء جهاز أمني مستقل. وبحث الوساطة القطرية بين الإخوان والإمارات في قضية الخلية الإخوانية المقبوض عليها هناك. وربما أرادت الصحافة توجيه انتباه الرأي العام لأمور أخرى، بعيدة عن مسألة إرسال القوات المصرية لسورية! وحيث أن الأمور فى مصر تدار الآن بشكل سري للغاية، وبلا ذرة شفافية.. فالصحافة بريئة بالتأكيد، لا تعرف حقيقة الدائر في الكواليس وخاصة أنها كواليس الجماعة وليست كواليس السلطة.
أعقب ذلك وصول وزير خارجية إيران «علي أكبر صالحي» للقاهرة.. وأتحفنا المحللون السياسيون بتحليلاتهم حول عودة العلاقات الرسمية بين مصر وإيران!! كيف يحدث هذا، بينما إيران تساند نظام الأسد بالإتفاق مع روسيا والصين. ومصر ترغب في وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في سورية، وتصف نظام الأسد بأنه قاتل لشعبه، وينبغي أن يرحل، متفقه في ذلك تمام الإتفاق مع أمريكا والغرب وإسرائيل. ولا يمكن تفسير هذه الزيارات الإيرانية،، إلا فى مواجهة الزيارات والمنح القطرية.. وذلك لمعرفة موقف القيادة المصرية الرسمي من المشروع القطري بإرسال الجيوش العربية لسورية حسب طلب الإدارة الأمريكية.
يتواكب ذلك أيضاً مع التهديدات الأمريكية بأعمال تفجيرية في سيناء عبر ميليشات (القاعدة) التي اعلنت هيلاري كلينتون صراحة، أن الإدارة الأمريكية هي من أسسها!! وذلك لإجبار مصر على تنفيذ المطالب الأمريكية بإرسال الجيوش العربية لسورية. ويتواكب أيضاً من سياسة العصا والجزرة التي تتبعها أمريكا مع الإخوان، كما جاء في مقال نشر بموقع معهد واشنطن بعنوان (الاختبار الهام لأوباما في مصر: سيناء) في 7/1/2013، كتبه الباحث «إريك تراجر»، ينصح فيه أوباما بالتروي في سياسة التفجيرات.
كما يشير الخبر الذي نشرته المصري 13/1/2013 بعنوان («فورين بوليسي»: ملامح دولة إسلامية انفصالية بسيناء بعد ظهور نظام قضائي إسلامي)، إلى التهديدات الأمريكية أيضاً باستخدام القاعدة في سيناء للقيام بحرب إنفصالية.
وتأتي في النهاية مايطلقون عليها تسريبات ويكيلكس، التي وعد «جوليان أسانج»، بأن يطلقها من نافذة بمقر إقامته بسفارة الإكوادور بلندن في بداية عام 2013 لتكتمل صورة التهديدات والضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية على حلفائها العرب للتدخل في سورية عبر «ويكيلكساتها» المزعومة، التي تصدرها دون أدنى شك المخابرات الأمريكية.
(جوليان أسانج يعلن أن «ويكيلكس» ستنشر مليون وثيقة سرية جديدة العام المقبل) 21/12/2012 .
يبقى أمر واحد في النهاية وهو موقف الجيش المصري وقيادته.. هل سيخضع الجيش لقرارت جماعة الإخوان المسلمين لو وافقت على ما تطلبه الإدارة الأمريكية منها،، عبر مندوبيها القطريين؟؟
نشكر الفريق السيسي على تأكيده أن مصر «مش سايبة»، وأن زيارة المسؤول القطري يجب أن تتم بالتنسيق مع الأجهزة الرسمية للدولة؟ ونذكره بحادثة بسيطة وقعت أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إثر الإعلان عن تأميم قناة السويس، حيث قامت الطائرات الفرنسية والبريطانية بتوجيه ضربات جوية للأهداف الاستراتيجية لمصر، ونجحت إحدى الغارات في تدمير هوائيات الإرسال الرئيسية للإذاعة المصرية آنذاك، في منطقة صحراء أبي زعبل شمال القاهرة قبل أن يلقي الرئيس المصري جمال عبدالناصر خطبته، ما سبب توقف الإذاعة المصرية عن الإرسال، وانطلق راديو دمشق في برامجه بعبارة «هنا القاهرة من دمشق»، تعبيراً عن الوقوف بجانب مصر، لتحذو عدة إذاعات عربية في عدة عواصم حذو راديو دمشق وتبدأ هي الأخرى برامجها بعبارة «هنا القاهرة من ...».
ونذكر سيادة الفريق أيضاً أن سورية دولة عربية شقيقة.. لا ينبغي أن تدخل فيها قواتنا المسلحة إلا لمساندتها.. وليس لقلب نظامها كما تريد أمريكا منذ عام 2004. وأن الشعب السوري هو الوحيد من له حق اختيار قيادته، وليست ميليشيات القاعدة والجهاديين والبلاك ووتر التي تدربها وتمولها السعودية وقطر ويقدم لها الغرب الأسلحة. وأن الجيش العربي السوري وقف كتفاً لكتف مع الجيش المصري لمواجهة العدوان الإسرائيلى على الشعوب العربية. وأن عدونا الحقيقي هو إسرائيل وليس أي دولة عربية شقيقة.
اعقلها وتوكل يا سيادة الفريق..ولا تجعل الجيش المصري يتسبب في إحداث شرخ عميق في العلاقة بين الشعبين الشقيقين.