الانتخابات البرلمانية الأردنية.. عنوان جديد للأزمة
في محاولة من النظام الأردني لاسترضاء الشعب في ظل الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، أُعلن عن قيام انتخابات برلمانية جديدة مستخدماً لعبة صناديق الاقتراع للإيهام بالإصلاح والتغيير مبتعداً عن الجذور الحقيقية للاحتجاجات المتمثلة في السياسة الاقتصادية الاجتماعية التي عمقت الفقر نتيجة التبعية لمركز الرأسمالية وتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي والتي كان آخرها رفع الدعم عن المحروقات.
وتزامناً مع صدور النتائج الانتخابية التي بلغت نسبة الاقتراع فيها حسب الأرقام الرسمية %56 بينما يرى معارضون أن هذه النسبة مبالغ فيها ، شهدت البلاد احتجاجات واسعة رفضاً للانتخابات، جاء هذا الرفض نتيجة لعدة أسباب موضوعية وأهمها:
-1 لم تكن الدعوة للانتخابات بشكل أساسي نتيجة لتوافق داخلي وإنما جاءت بعد مطالبات أوروبية، وقد تمت الانتخابات بحضور 7020 مراقباً محلياً و 512 مراقباً دولياً. وعدة منظمات منها المعهدان الجمهوري والديمقراطي الأمريكي ومركز كارتر وجامعة الدول العربية وقد نشر الاتحاد الأوروبي ولأول مرة أكثر من ثمانين مراقباً.
-2 القوى المشاركة في الانتخابات: شهد المشهد الانتخابي تنافس 819 مرشحاً ضمن 61 قائمة يقود أغلبها نواب ووزراء سابقون، مع غياب عدة قوى أبرزها الحزب الشيوعي وجماعة الإخوان المسلمين. وقد أصدر الحزب الشيوعي بياناً أعلن فيه عدم مشاركته معللاً ذلك برفضه للنهج السياسي الاقتصادي للسلطة، وإصرارها على إجراء الانتخابات النيابية بالاستناد إلى قانون انتخابات غير ديمقراطي وغير توافقي. كذلك أعلن الإخوان رفضهم المشاركة احتجاجاً على قانون الانتخابات، بينما يرى محللون أن غيابهم جاء نتيجة الهزات التي تعرضت لها شعبيتهم لأسباب داخلية تتعلق بمحاولتهم الهيمنة على فعاليات الحراك الشعبي وتجييرها لمصلحتهم، ونشوء أجواء الشك والريبة حولهم، على ضوء ما جاءت به تطورات الأحداث العربية وانعكاس أداء الإسلاميين فيها.
أظهرت النتائج فوز قائمة حزب الوسط الإسلامي بثلاثة مقاعد، بينما فازت ثلاث قوائم بمقعدين لكل منها، وحصلت 18 قائمة على مقعد واحد لكل منها، وخرجت 39 قائمة خالية الوفاض، ولم تتمكن قوائم النهوض الديمقراطي التي ضمت مرشحين عن خمسة أحزاب يسارية وقومية معارضة من الفوز بأي مقعد، وبالتالي سيطر على البرلمان تيار الوسط وهم من المؤيدين للسياسات الرسمية. كما عاد إليه 33 من أعضاء البرلمان السابق، و 12 من أعضاء برلمان 2007 ، و لوحظ فوز عدد من الإسلاميين المستقلين في خطوة اعتبرتها قيادات في الحركة الإسلامية التي قاطعت الانتخابات بأنها رسالة لها بوجود بديل عنها داخل البرلمان.
-3 آلية الانتخاب والحكومة البرلمانية : تجري الانتخابات اعتماداً على قانون الصوت الواحد والذي يوزع مقاعد البرلمان والتي عددها 150 على الشكل التالي 27 للدائرة العامة (قوائم) + 15 كوتا نسائية + 108 مقاعد ( منهم 9 للبدو و 9 مسيحيين و 3 شركس و شيشان( ، وتشكل الحكومة البرلمانية المفترضة القائمة التي تحصل على نسبة 30 إلى 40 في المئة من المقاعد على الأقل، على أن تكون قادرة على إقامة تحالف مع بعض القوائم لتجمع أكثر من 50 في المئة من المقاعد في المجلس، ووجود 61 قائمة تتنافس على 27 مقعداً، هو رقم قياسي من حيث نسبة عدد المقاعد إلى عدد القوائم. و ما من قائمة تستطيع في أفضل الأحوال الحصول على أكثر من 4 مقاعد لأن الفوز بمقعد واحد يتطلب الحصول على ما نسبته 3,7 في المئة من أصوات المقترعين في كافة الدوائر، وللحصول على 4 مقاعد يتطلب الأمر نسبة أصوات تقارب 15 في المئة من أصوات جميع الناخبين في المملكة، وهو أمر في غاية الصعوبة و لا تستطيع القائمة التي ستحوز 3 أو 4 مقاعد من القائمة الوطنية، إضافة إلى بعض المقاعد التي قد يحصل عليها أنصارها في الدوائر الفردية، تأليف حكومة برلمانية. حتى لو تمكنت من إنجاز بعض التحالفات مع القوائم الأقل منها في عدد المقاعد، وعليه فإن تأليف الحكومة سيبقى شأناً ملكياً تحت وطأة هذا القانون.
إن قدوم برلمان جديد عن طريق قانون انتخابي يشكل موضع خلاف، ويضم الفاسدين الذين كانوا أعضاء في برلمانات سابقة لن يشكل عنوان انفراج، بل سيشكل عنواناً جديداً للأزمة على مايبدو..