كيبيك.. الطلاب يدفعون ثمن الأزمة
إن إحدى أكثر الضربات الليبرالية للحكومة الكندية مؤخراً كانت عندما قررت في هذا الوقت من العام الماضي رفع رسوم التعليم العالي في الجامعات الكندية بنحو 83% وعلى خمس سنوات مما سبب حالة من الاحتقان عند الطلاب وأوليائهم وقد هدد ممثلو الاتحادات والحركات الطلابية بخريف ساخن عام 2011 استمرت حالة الاحتقان هذه طوال عام كامل ولم تنضج ظروف تحول هذا الاحتقان إلى حركة احتجاجية شعبية إلا منذ أيار الماضي، هذا بالضبط ما حدث في الأشهر الماضية في مقاطعة كيبيك في كندا، مكان انطلاق أعظم إضراب طلابي في تاريخ البلاد وأكثر الحركات الاحتجاجية جماهيرية منذ عام 1984 عندما شهدت كندا الحركات المناهضة للحرب النووية ونشر الصواريخ الامريكية في أوروبا الغربية.
أضربت جميع جامعات كيبيك وتظاهر أكثر من 300 ألف طالب - في اقليم يشمل مابين 7 و9 ملايين من السكان وتعد كيبيك، المقاطعة الناطقة بالفرنسية في كندا، تاريخياً مكان تواجد النقابات الأكثر قرباً الى اليسار ومكان تواجد أعداد كبيرة من المناضلين والحركات الاجتماعية، وعلى الرغم من أن جامعات الكيبيك لديها رسوم تسجيل أقل من باقي أقاليم البلد، فالجامعات الكندية لديها الرسوم الدراسية الأعلى في العالم والتعليم الجامعي، المعادل لأربع سنوات، يستلزم رسوم تسجيل تعادل 000 58 دولار في المتوسط، مما يدفع الطلاب المنحدرين من الطبقة العاملة أو الطبقة المتوسطة إلى مغادرة التعليم العالي، أو استدانة عشرات الآلاف من الدولارات لتمويل متابعة دراستهم وتمضي الحكومة الحالية، مثلها مثل معظم الدول النيوليبرالية، في تحميل الطلاب نتائج الأزمة التي تسببت فيها البنوك والرأسمالية النيوليبرالية.
تقود المنظمات الطلابية الثلاث الرئيسية في كيبيك، خصوصا (الائتلاف الطلابي الواسع من أجل تضامن نقابي طلابي)، والذي هو، الأكبر حجما والأكثر قربا الى اليسار، النضال ضد الحكومة.
دعا الممثلون الرئيسيون للاتحاد الكندي للطلاب ويشمل أكثر من 500،000 طالب الى تنظيم الاضراب في أونتاريو وهي أكبر مقاطعة في كندا المناطق الناطقة باللغة الانكليزية تضامناً مع طلاب كيبيك.
وتشارك النقابات الأخرى والمنظمات اليسارية في المظاهرات الطلابية وتعبئ لها. على غرار «كيبيك متضامنة»، الحزب اليساري الجذري الذي يجمع العديد من المنظمات المعادية للرأسمالية و التي تمثل في استطلاعات الرأي حوالي 10٪ ، تدعم أيضا الحركة الطلابية وتنحصر أهداف إضرابات الطلاب في إلغاء قانون رفع رسوم التعليم الجامعي.
حاولت الحكومة الليبرالية القضاء على الإضراب بإجراءات قمعية على نحو متزايد. فمنذ شهر فبراير، تم اعتقال 1511 شخصاً، من بينهم صحفيون ومعلم. انه وضع شبيه بأزمة تشرين الأول من عام 1970 لكن متفاقم أكثر من ثلاث مرات، عندما احتلت القوات الكندية المسلحة المقاطعة، وفرضت الأحكام العرفية عقب اختطاف ممثلين حكوميين اثنين من طرف جبهة تحرير الكيبيك.
وقد أصدرت الحكومة مؤخراً أحد القوانين الأكثر قمعاً (بيل 78)، والذي يحظر التجمعات والمظاهرات والإضرابات في جميع أنحاء المقاطعة غير المرخص لها. وتشمل العقوبات غرامات، فمن العصيان إلى 5000 دولار (3830 €) للفرد، 35000 دولار (26810 €) للقادة الطلابيين والنقابيين. وينص القانون أيضاً قيود محددة بشأن الحق في الإضراب بالنسبة للعاملين في مجال التعليم.
لجنة كيبيك لحقوق الإنسان، ورابطة أساتذة الجامعات وماسون لويس، رئيس نقابة المحامين في كيبيك، عارضوا كلهم هذا القانون المجرم للإضراب. حتى مجموعة «الإضراب «، التي تدعو إلى الإضرابات وتلف حولها القيادات الطلابية، عبرت عن رفضها لهذا القانون وحتى الآن يتجاهل الطلاب هذا القانون، ويتحدونه من خلال مواصلة تحركاتهم، بكل الوسائل. وفي الواقع، منذ الاسبوع الماضي أصبحت الاحتجاجات أكثر راديكالية، فالطلاب احتلوا الشوارع كلها وهم يرتدون «سترة» أو «حقيبة» المربعات الحمراء التي أصبحت رمزا للإضراب.
المؤشرات الأولى تدل على عمق الأزمة التي وقعت بها الليبرالية الكندية ومحاولة تحميل الطلاب وأهاليهم أثارها أي الهروب الى الأمام كما تدل على تصاعد حركة الاحتجاج ضد سياسات التقشف الليبرالية في كندا في صفوف العمال والطلاب وهي مرشحة للتصاعد أكثر.