مسيرة الـ 500 كم تصل مدريد
وصل عمال المناجم الإسبانيون إلى مدريد، بعد أن قطعوا 500 كيلومتر خلال مسيرتهم التي بدأت في الثاني والعشرين من حزيران الماضي واستمرت سبعة عشر يوماً من شمال إسبانيا حيث انطلقت حركتهم الاحتجاجية خارج مناجم الفحم وسط اشتباكات مع الشرطة... وحيتهم لدى وصولهم حشود من المتضامنين وهم يسيرون وسط العاصمة الإسبانية.
وتأتي مسيرة عمال المناجم الاحتجاجية، والتي أطلق عليها اسم «المسيرة السوداء»، رداً على قرارات الحكومة اليمينية الرامية لتقليص الدعم المقدم لصناعة الفحم من 301 مليون يورو إلى 111 مليوناً هذا العام. وتقول نقابات العمال: إن هذا التقليص سيهدد 30 ألف فرصة عمل متاحة، وقد يدمر صناعة الفحم في إسبانيا، في حين تبرر الحكومة خططها بالقول إن التقليص يشمل أجزاء صغيرة وغير مربحة اقتصادياً.
وشارك في استقبال العمال في العاصمة مدريد نشطاء حركة «15 أيار» أو «الديمقراطية الحقيقية الآن»، الذين أخلوا خيامهم في ساحة بويرتا ديل سول وسط العاصمة للعمال المجهدين ليتمتعوا بقسط من الراحة قبل مشاركتهم في التجمع الاحتجاجي أمام مبنى وزارة الصناعة.
لقد أراد العمال إبلاغ وزير الصناعة مطالبتهم بإلغاء التقليص المرتقب وتراجع الحكومة عن خطط التقشف القاسية.
وكانت تظاهرة الأربعاء 18 تموز مفاجأة لوزراء الحكومة الذين غادروا المبنى من الأبواب الخلفية، في حين فشلت الشرطة في محاولاتها لتفريق المتظاهرين، وأدت مهاجمتها للتظاهرة، التي شارك فيها عشرات الآلاف إلى جرح 80 متظاهراً، فضلاً عن اعتقال خمسة من المحتجين.
لقد تحول عمال المناجم إلى رأس حربة لتفجير الغضب المتراكم لدى نشطاء حركة «الديمقراطية الحقيقية الآن» والنقابات العمالية الذين يعدون العدة لتنظيم تظاهرات في جميع المدن الاسبانية للتعبير عن غضبهم المتنامي ضد الفقر والبطالة المتفشية وخصوصاً بين الشباب حيث بلغت نسبة العاطلين بينهم 50 في المائة.
من جانبه طالب كايو لارا زعيم تحالف اليسار المتحد الممثل في البرلمان الإسباني، والذي يلعب فيه الحزب الشيوعي الاسباني دوراً مميزاً، الحكومة بتحمل مسؤوليتها وإعطاء جواب شاف على المطالب المشروعة لعمال المناجم، باعتبارها، أي الحكومة، المسؤولة الأولى عن تقليص الدعم والخدمات وتداعياتها، وفي تصريح لاحق له شبه مهاجمة الشرطة للمتظاهرين بسيناريو لحرب أهلية تعيشه شوارع مدريد.
ويمكن وصف صراع عمال المناجم بخط الدفاع الاخير للحفاظ على أكثر من 8 آلاف عامل هم المتبقون من أصل عشرات الآلاف كانوا يعملون في مناجم الفحم المتداعية منذ سنين وغير القادرة على مواجهة المنافسة الساحقة القادمة من أستراليا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لارتفاع تكاليف الاستخراج، ويأتي إعلان الحكومة عن قطع التمويل بمثابة إعلان موت المناجم المتبقية.
وأعلن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي، في كلمة أمام البرلمان حزمة جديدة من إجراءات التقشف استجابة للشروط المفروضة لقاء حصول حكومته على دفعة جديدة من قروض «الانقاذ»، وتشمل الحزمة الجديدة ضمن نقاط أخرى:
1 - زيادة ضريبة الاستهلاك بنسبة 3 في المائة لتصل إلى 21 في المائة.
2 - إلغاء جميع الإعانات الإضافية التي تمنح لعدد من الموظفين والعمال في عيد الميلاد.
3 - تخفيض الرواتب في القطاعات الحكومية بنسبة تصل في بعض القطاعات إلى الثلث
وقد جاء هذا الإعلان بمثابة صب الزيت على غضب المحتجين المتصاعد. ووافق وزراء المالية في منطقة اليورو على منح المصارف الإسبانية 30 مليار يورو بنهاية الشهر الحالي، وإعطاء مدريد فرصة عام آخر -حتى عام 2014- لتنفيذ الشروط الرامية لإيصال العجز في الميزانية العامة إلى اقل من 3 في المائة. وكان رئيس الوزراء قد حذر السبت بأن المزيد من إجراءات التقشف آت على الطريق، في بلد تبلغ فيه نسبة البطالة أكثر من 24,4 في المائة، وتتزايد فيه الاحتجاجات على تخفيضات الانفاق العام الشديدة.
وسيكون مبلغ الـ30 مليار يورو المقدم من «صندوق الانقاذ الاوربي الدائم» هو أول قسط من حزمة الانقاذ التي اتُفق عليها في شهر حزيران الماضي، والتي تبلغ قيمتها 100 مليار يورو. وينبغي على وزراء المالية في منطقة اليورو الحصول على موافقة برلماناتهم قبل أن يدفعوا هذا القسط في نهاية الشهر الحالي.