نقابات لبنان تخوض المعركة المطلبية
يتأكد، في كل يوم، جوهر الظلم الاقتصادي - الاجتماعي الذي تعيشه الجماهير في كل أنحاء العالم، والذي يتطلب رفع سقف النضال المطلبي، ولاسيما في البلدان التي تعمل تكتلاتها السياسية وفق اصطفافاتٍ ثانوية
يشهد لبنان اليوم معركة تقودها «هيئة التنسيق النقابية»، حيث دعت الأخيرة جميع الاتحادات المهنية والعمالية والهيئات النقابية في الدولة، للتحرك ضد التسويف الذي يقوم به مجلس النواب اللبناني، في إقرار مشروع سلسلة الرواتب والأجور، ضمن الموازنة الجديدة. ما ينذر بانفجار اجتماعي، بعد الإمعان في إفقار اللبنانيين وتهميشهم، حيث نفذ الإضراب في الثاني من الشهر الجاري، وشاركت فيه جميع الاتحادات والهيئات النقابية والتربوية والمهنية.
واقع أسود لدكتاتورية «التوافق»
لا يتمتع معظم الموظفين بأية ميزات وظيفية، حيث يغيب التأمين المعاشي والضمان الصحي، ومعظمهم يعملون بالمياومة أو بالساعات، ولا يحظون بنظام ترفيعات أو زيادة للأجور، كما أنهم لا يحظون بحق تقاعد أو إجازات أياً كان سببها.
وحسب ما جاء في حديث رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة، د. محمود حيدر، الشهر الفائت، أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بتطوير وتحديث قانون العاملين في الدولة بل «اكتفت بترقيعات ضربت القطاع العام ودور الدولة، وخلقت ممالك وإقطاعيات مقفلة على زعماء الطوائف، عملاً بأساليب النيوليبرالية والرأسمالية الوحشية)، وذكر حيدر كيف وقفت «هيئة التنسيق النقابية» عام 2005، بوجه 13 مشروع قانون للموظفين والمتقاعدين.
«أخطاء حسابية».. والأجراء يدفعون الثمن
وقد دعت «الهيئة» المجلس النيابي إلى إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب، بنسبة 121% كحد أدنى، وبمعزل عن النظام الضريبي الذي يخدم أصحاب الرساميل، حسب ما جاء في إطار دعوتها: «إذ لا معنى إطلاقاً لتأييد سلسلة الرواتب ما لم يقترن بالاستعداد لإصلاح النظام الضريبي». فيما ذكرت أنّه لم يصدر، منذ عام 2005، أي قانون للموازنة العامّة، وبالاستناد إلى الأرقام الصادرة عن وزارة المال، ارتفع الإنفاق الحكومي، بين عامي 2005 و2013، من 11833 مليار ليرة إلى 20500 مليار ليرة، أي بزيادة 8667 مليار ليرة غير ملحوظة في آخر قانون للموازنة.
في المقابل، ارتفعت الإيرادات من 7405 مليارات ليرة إلى 14500 مليار ليرة. وبالتالي، ارتفع العجز من 4428 مليار ليرة إلى 6000 مليار ليرة، وزاد الدين العام في الفترة نفسها بقيمة 37707 مليارات ليرة لبنانية. وبدلاً من مناقشة مطالب المضربين، جاء الرد على تصريحات الهيئة بأن الأخطاء الجارية لا تتخطى حدود الأخطاء الحسابية، وهو ما وضع الحركة النقابية اللبنانية أمام استحقاقاتها من جديد.