ملوك السعودية والمهام الأمريكية المتغيرة (1/2)

ملوك السعودية والمهام الأمريكية المتغيرة (1/2)

 لعب ملوك السعودية على مر التاريخ الحديث منذ تشكيل المملكة الثانية دور الوكيل للولايات المتحدة الأمريكية، ومقابل ضمان حدود المملكة واستمرار حكم آل سعود نفذ الملوك السبعة كل المهام الأمريكية الموكلة إليهم

تأتي زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً في سياق تجديد هذه العلاقة والتأكيد عليها، ورسم الدور الجديد للمملكة بناءً على متغيرات السياسة الأمريكية. فالتراجع الأمريكي على المستوى العالمي اقتضى تنازلات أمريكية في مناطق النفوذ، وهذا ما عبر عنه البعض في تسريبهم لبعض مجريات اللقاء الذي طلب فيه أوباما من الملك السعودي تقاسم النفوذ مع الإيرانيين. يعني هذا التنازل التخلي عن فكرة المواجهة العسكرية والسياسية تجاه إيران مقابل استخدام لغة الحوار والمصالح المشتركة في أمن الخليج، كما سيعني إجراء تغييرات شكلية ضرورية في حكم آل سعود تمهد لهذه المهمة الجديدة وخصوصاً بعد الفشل في مهمة فرض حلول محددة بالأزمة السورية...
حماية آبار النفط
وبالعودة للعلاقة التاريخية ولإظهار مدى الترابط بين التغيرات في الأسرة الحاكمة بناء على الوظيفة، سنلقي الضوءعلى بعض المراحل التاريخية لحكم آل سعود.
كانت نجد والحجاز تحت حكم أكثر من قبيلة منها «آل الرشيد» و»آل سعود» وتحت سيطرة قبائل متنافسة وعند اكتشاف النفط من قبل شركة «أرامكو» الأمريكية كانت المهمة الموضوعة هي توحيد آبار النفط تحت سيطرة قبيلة واحدة وهو بالفعل ما تم بالتحالف بين «آل سعود» و»آل السدير» أصهار الملك الأول للسعودية عبد العزيز آل سعود بغطاء أيديولوجي من الوهابية.
نجح عبد العزيز في توحيد الآبار وفي ترتيب الوضع الداخلي وحاز اعترافاً أمريكياً به وبعائلته كحالم على «شبه الجزيرة العربية» ما دام آل سعود يحمون منابع الطاقة، وكان اللقاء بين «روزفلت» الرئيس الأمريكي وعبد العزيز آل سعود على متن حاملة الطائرات «يو إس إس» تدشيناً مباشر لهذه العلاقة. وبعد موت عبد العزيز تقلّد ابنه الأكبر سعود الحكم ليبدأ معها وبسبب صعود التيارات الوطنية والقومية العربية واليسارية الثورية مرحلة الصراع حول النفوذ الأمريكي في المنطقة.
ضرب القوى التقدمية
تقلد سعود الحكم عام 1953 في مرحلة صعود التيارات الوطنية المناوئة للغرب، وكانت أغلب الدول العربية في طريقها للتحرر الوطني من الاستعمار وبدأ صعود التيار القومي العربي بقيادة جمال عبد الناصر الذي وجد فيه الأمريكيون تهديداً لمصالحهم المباشرة في المنطقة، فنجاح مشروعه سيؤدي إلى زوال حكم آل سعود، وحينها بدأت المعركة لإسقاط مشروع «ناصر» سعودياً. يقول السير «دغلاس رايت» رئيس المخابرات البريطانية في لقائه مع سعود بن عبد العزيز:»إن نجاح عبد الناصر في الحصول على موطئ قدم لمشروعاته الإنقلابية في الجزيرة العربية، التي تعد من أهم مصادر البترول واحتياطه في العالم هو نذير شؤم يجب أن تتعاون كل الأطراف ممن لهم مصلحة في ذلك على مقاومته ودحضه».
بالفعل باشر سعود محاولته لإيقاف عبد الناصر عبر محاولتي اغتيال فاشلة على يد «الإخوان المسلمين» أثناء الوحدة مع سورية، وإبان المد الناصري الناتج عن الوحدة أُطيح بسعود الذي فشل في تحجيم المد الناصري..... يتبع