مخاض مصري عسير

مخاض مصري عسير

تتنوع محاولات الغرب الرامية للهيمنة على مصر مابعد ثورة 25 يناير وذلك بعد أن لاحت في الأفق احتمالات إفلاتها من السطوة الغربية، لكن قوى «مابعد مبارك» أي حركة الإخوان المسلمين، إضافة لبعض القوى التي تدعي مناهضتها لهم خاصة من تطلق على نفسها «القوى الليبرالية والعلمانية» تثبت يومياً أنها إحدى أدوات الغرب المستخدمة لأجل ترسيخ السيطرة الغربية

محاولات احتواء

حصل في الأسبوع الماضي تطور نوعي على مستوى أدوات الغرب الرامية للإمعان في سياسة الهيمنة على مصر، إذ شهدت القاهرة زيارة بعثة صندوق الدولي لمصر بعد جولات طويلة من مفاوضات حول قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار.

لكن اللافت والمقلق في هذه الزيارة، هو قيام البعثة بلقاء المعارضة المصرية رسمياً، حيث التقت البعثة كل من السيد البديوي رئيس حزب الوفد المصري، وحمدين صباحي زعيم حزب التيار الشعبي، وعمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، وصلاح عبد المعبود عضو مجلس الشورى وعضو الهيئة العليا في حزب النور السلفي، ومحمد البرادعي رئيس حزب الدستور، وبعض الأحزاب اليسارية حسب وسائل الإعلام.

وحسب المصادر جرى البحث في شروط صندوق النقد الدولي لمنح القرض لمصر،   والتي تدعو إلى تحرير سعر الجنيه المصري، وتحرير أسعار مواد الطاقة من غاز وكهرباء، مما يعني التزام الإخوان سياسات مبارك ذاتها القائمة على النهج الليبرالي الذي يعني محابات الأغنياء وزيادة بؤس الفقراء.

وفيما قالت أوساط حكومية أن المجموعة الوزارية الاقتصادية ستزور مقر الصندوق في واشنطن قريباً لعقد اجتماع ودي هناك لتسهيل عملية التوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين، جاءت مواقف المعارضة ناعمة في بعضها، ومتخاذلة أمام الشروط الدولية في بعضها الآخر، حيث قال البرادعى: «إنه يوافق على منح القرض لمصر، شريطة عدم فرض إجراءات مُخلة بالعدالة الاجتماعية، واستجابة الرئاسة لمطالب الأحزاب والقوى الوطنية». بينما تحدث المستشار الاقتصادى لرئيس حزب المؤتمر، أشرف سويلم، أن اللقاء خطوة هامة وأشار إلى أن قرض الصندوق كان أحد بنود البرنامج الانتخابي لـ«عمرو موسى» حيث أن مصر لا تمتلك إمكانية لتطوير الموارد الحالية،   وجاء موقف حمدين صباحي غير حاسم، وقد أبلغ الوفد:« ترحيب التيار بأي دعم غير مشروط للاقتصاد المصري على ألا تحمل شروط القرض أي أعباء إضافية على الفقراء والعمال والفلاحين والطبقة الوسطى والذين يشكلون النسبة الغالبة من الشعب المصري».

إن كل ذلك يعيدنا إلى القول إن الأزمة في مصر هي أزمة قوى سياسية لم تغادر خيارات سلطة مبارك حتى اللحظة بشكل جدي، فانتقادات معظم هذه القوى «المعارضة» للحكومة كانت على عدم مشاركتها بالقرار، بينما وافقت في الوقت نفسه على القرض دون انتقاد جدي لشروطه.

مبارك «بريء»!

من جانب آخر جرت محاكمة مبارك على نحو مفاجئ بعد تبرئته في قضية قتل المتظاهرين، وتأجيل محاكمته في قضايا أخرى إلى 11 أيار2013، وهو ما أثار موجة انتقاد عارمة في صفوف المعارضة وأهالي المعتقلين السياسيين. وصرح قيادي في حزب الاشتراكيين المصريين أحمد بهاء الدين شعبان لقناة روسيا اليوم أن«النظام في مصر لم يتغير بل أطلق لحيته فقط» وأكد أن الطبيعة الاقتصادية والعلاقات السياسية للإخوان هي ذاتها عند مبارك سابقاً، وأن ماجرى هو تبديل مواقع نخب سياسية  فقط. هذا ويجري التصعيد الطائفي في مصر على أشده بين الأقباط والمتأسلمين، ويتم التلويح بالتقسيم الطائفي، وهو مايعد ورقة قديمة جديدة تم استخدامها في السبعينيات وحتى الآن عبر إثارة قضايا أو الهجوم على الكنائس بغية إلهاء الجماهير عن قضاياها الضرورية.