بعد الوعود الكاذبة.. استمرار الغضب في العراق..
لقد وعدوا العراقيين بتعجيل التنمية، وبعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق ووصول الغزاة الأمريكيين، صارت البلاد تُعاني من انعدام التنمية، وعلى نحو غير مسبوق.. والأمر الأكثر إيذاءً وألماً هو انهيار إمدادات الطاقة.
بعد مرور أكثر من سبع سنوات عجاف، لايزال العراقيون يعانون من نقص الكهرباء، مما أدى إلى تظاهرات في المدن والبلدات في أنحاء البلاد.
ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
«بدأت المشكلات الكبرى مع احتلال العراق العام 2003.. دمّر المحتل جميع المؤسسات والبنية التحتية للبلاد، بما في ذلك محطات الطاقة (ماعدا وزارة النفط في بغداد!) بعد مرور أكثر من سبع سنوات.. لا وجود للتحسن»، حسبما يقول هاشم مهدي (61 عاماً) من بغداد.
شأنه شأن بقية العراقيين، وافق مهدي بأن مشاكل البنية التحتية كانت قائمة في البلاد قبل الاحتلال الأمريكي، وذلك بسبب حرب العراق مع إيران، ثم حملات القصف الأمريكي في جميع أنحاء البلاد خلال التسعينيات، شاملة كافة المؤسسات، بما فيها محطات الطاقة، لكن النظام العراقي السابق كان قادراً على إعادة بنائها وتوفير إمدادات الكهرباء للناس.. المشكلات بعد العام 2003 اتجهت نحو الأسوأ.. «لماذا لم تتول الحكومة (حكومة بغداد الدُميّة) إصلاح محطات توليد الكهرباء حتى الآن؟ اعتقد أن قائد القوات الأمريكية في العراق استغلّ الأزمة للضغط على الساسة العراقيين (أتباع الاحتلال).
كما وأنه وضع اللوم على هؤلاء الساسة. «وزراء الكهرباء الذين تم تعيينهم في ظل الاحتلال، افتقروا إلى الخبرة والكفاءة. سمحوا للمسؤولين في إدارات الوزارة ممارسة الفساد لسرقة الأموال المخصصة لاستيراد المولّدات وإهمال إصلاح شبكات النقل». عدم إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية لشبكات المياه والكهرباء في العراق، كان مدمّراً للمزارعين وسكان المدن على حد سواء.
يقول أحمد جهاد (35 عاماً- تاجر مولدات في بغداد): «إن مشكلة الكهرباء ظهرت مع بداية الاحتلال الأمريكي للبلاد. خاب أمل الناس مع تناقص الكهرباء إلى ساعة واحدة يومياً، وارتفاع تكاليف الوقود. وهكذا صار عامة الناس يعيشون في معاناة مستمرة».
متوسط دخل الأسرة في العراق بحدود 200-300 دولار شهرياً، يدفعون في المتوسط 80 دولاراً للحكومة قيمة فاتورة إمدادات الكهرباء التي نادراً ما تصلهم.
العديد من العراقيين ممن يملكون المولدات الكهربائية يقعون في مشكلة أخرى.. الحصول على الوقود لتشغيلها.. «من الصعب جلب الوقود إلى مناطقنا بسبب التفتيش عند مداخل المدن والأحياء، إذ أن قوات الأمن العراقية تجعل الأمور صعبة بالنسبة لنا، مطالبين بالرشاوى للسماح لنا بالمرور. علاوة على أن الوقود ليست نظيفة وذات نوعية رديئة، تسبب الأضرار للمولدات».
آخرون يشكون من ارتفاع فاتورة الكهرباء.. «في السابق، كانت تكاليف الكهرباء تُشكل مبلغاً زهيداً... ولكن مع مجيء المحتل الأمريكي، لا أحد منا يستطيع تحملها»، حسبما تقول أم طه (30 عاماً، ولها أربعة أطفال).
يقول عبد الوهاب- رئيس المهندسين الفنيين- محطة توزيع الكهرباء/ شمال شرق بغداد، «منذ الاحتلال الأمريكي، نحن نعاني من نقص قطع الغيار للمحطة. لا نعتقد أن هناك أية نيّة أو جهد حقيقي لإصلاح أو تجديد المعدات المتهالكة.. كل ما تقدمه الحكومة من وعود، هي وعود كاذبة».
كذلك، فالمشاكل الأمنية المستمرة تعقد أعمال الترميم. «فرق الصيانة لدينا تواجه مشكلات الوصول بسبب: التفجيرات، إغلاق الطرق، الفوضى المرورية، الجدران الخرسانية التي تسببت في إغلاق العديد من الشوارع في بغداد ومدن أخرى».
كان 14 تموز أكثر الأيام حرارة في العراق، مع درجات بلغت 52 درجة مئوية (125 درجة فهرنايت) في البصرة. معظم سكان البلاد عانوا من خلاله نتيجة عدم القدرة على تشغيل أجهزة التكييف، التبريد (الثلاجات)، والمراوح.
قتل اثنان من العراقيين على يد شرطة البصرة في حزيران، بينما كانوا يحتجون سلمياً على نقص الكهرباء. حصيلة القتل واستمرار الاحتجاجات على مدى الصيف، أجبرت وزير الكهرباء على الاستقالة. وذكر في استقالته: «لأن العراقيين غير قادرين على الصبر في مواجهة المعاناة (بعد أكثر من سبع سنوات!!)... ولأن هذا الأمر تم تسييسه»...!
شبكة أوروك