هيرش.. يطلق العنان لآرائه في السياسة الخارجية
الدوحة، قطر/ في كلمةٍ وصفت بأنّها مناقشة لحقبتي بوش وأوباما، وجّه سايمور هيرش الصحافي في نيويوركر انتقاداً متشعّباً يوم الاثنين، معرباً عن خيبة أمله في الرئيس باراك أوباما وعن استيائه من وجهة السياسة الخارجية الأمريكية.
«حالما احتجنا إلى رجلٍ أسود غاضب»، هكذا استهلّ قوله، مستنداً بثقةٍ إلى المنصّة، «لم نظفر به».
سرعان ما تدهور الأمر.
قال هيرش، الذي أكسبه تعريضه بالانتهاكات الفظّة لعناصر من الجيش الأمريكي في فيتنام والعراق شهرةً واحتراماً في طول العالم وعرضه، إنّه يؤلّف كتاباً حول ما أطلق عليه تسمية «سنوات بوش ـ تشيني»، ولم يجد فارقاً يذكر بين تلك الفترة وبين فترة إدارة أوباما.
وقال إنّه يحتفظ بـ«قائمة» تضمّ السياسات العدوانية للولايات المتحدة التي ظلّت سارية المفعول، ومن ضمنها التعذيب و«تسليم» المشتبهين بالإرهاب إلى الدول الحليفة، زاعماً أنّها لا تزال متواصلة.
كما أنّه اتّهم زمرة «صليبيين» من المحافظين الجدد العاملين في مكتب نائب الرئيس السابق، وهم الآن في وحدة العمليات الخاصة، باختطاف السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
«ما أتحدث عنه فعلياً كيف كان بوسع ثمانية أو تسعة من المحافظين الجدد، المتشددين إن شئتم، الانقلاب على الحكومة الأمريكية... الاستيلاء عليها»، هذا ما قاله عن كتابه المنتظر.
«لم يكن الأمر مجرّد استيلاء المحافظين الجدد عليها، بل السهولة التي استطاعوا فيها فعل ذلك- كيف اختفى الكونغرس، كيف أصبحت الصحافة جزءاً من ذلك، كيف أذعن الجمهور».
ثمّ تطرّق هيرش إلى عمليات النهب الواسعة التي حدثت في بغداد بعد سقوطها في عام 2003... «كان الموقف في متجر تشيني هو التالي: ما هذا؟ ما الذي يقلقهم إلى هذا الحدّ؟ الصحافة والسياسيون، جميعهم قلقون جراء بعض النهب؟... ألم يحصلوا عليه؟ سنحوّل المساجد إلى كاتدرائيات، وحين سنحصل على كلّ النفط، لن يكترث أحدٌ لذلك»(..) هذا موقفٌ سيسود، أنا هنا لأبلغكم رأي غالبية القيادة المشتركة للعمليات الخاصة».
ثمّ قال إن الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي ترأّس القيادة المشتركة للعمليات الخاصة قبل أن يصبح لفترةٍ وجيزةٍ القائد الأعلى للقوات في أفغانستان، وخليفته ويليام ماكرايفن، إضافةً إلى كثيرين ضمن القيادة المشتركة، «هم جميعاً أعضاء في فرسان مالطا، أو مؤيدون لهم على الأقل».
ربّما يشير هيرش إلى أخوية مالطا المستقلة، وهي منظمة رومانية كاثوليكية التزمت بـ«الدفاع عن الإيمان ومساعدة الفقراء والمعذبين»، وفقاً لموقعها الإلكتروني.
يتابع هيرش... «العديد منهم أعضاء في منظمة Opus Dei (*) هم يدركون ما يقومون به... وهذا ليس موقفاً شاذاً يسود بين بعض العسكريين... إنها حرفياً حملةٌ صليبيةٌ... يرون أنفسهم حماةً للمسيحيين... يحمونهم من المسلمين (كما كانت الحال) في القرن الثالث عشر. وتلك هي وظيفتهم. لديهم شارات صغيرة، قطع نقدية تعود إلى الحملات الصليبية يتبادلونها فيما بينهم وتعكس كامل مفهومهم عن صراع الحضارات... هنالك الآن مقدارٌ هائلٌ من العداء للمسلمين داخل القوات المسلّحة».
قال هيرش إنّه تحدّث مؤخراً إلى «رجلٍ في جهاز الاستخبارات... شخص يعمل في أنشطة العمليات الخاصة المشتركة» حول سقوط زين العابدين بن علي في تونس... قال ذلك الشخص: «يا إلهي، كان حليفاً حقيقياً».
ثمّ أضاف هيرش: «ستغير تونس اللعبة»... «ستثير فزع الكثيرين».
بالانتقال إلى باكستان، حيث أشار هيرش إلى أنّه كان صديقاً لبنظير بوتو، تحدث الصحافي عن لقاء عشاءٍ مع آصف علي زارداري، زوج رئيسة الوزراء الراحلة، قال فيه إنّ الرئيس الباكستاني كان يزدري شعبه بفظاظة.
وصف هيرش رحلةً قام بها إلى «سوات» بُعيد دحر الجيش الباكستاني لمتمردي طالبان الذين استولوا في وقتٍ سابقٍ على الوادي الجميل، الموقع المفضّل لقضاء إجازات الطبقة الوسطى.
قال هيرش إنّه سأل زارداري عن مخيّماتٍ شاهدها على طول الطريق، حيث يعيش البشر في ظروفٍ قاسيةٍ وغير صحّية، فأجاب الرئيس الباكستاني: «حسناً، هذا ما يستحقه أولئك البشر في سوات».
وفقاً لهيرش، حين سأل زارداري لماذا، ردّ على النحو التالي: «لأنّهم ساندوا طالبان».
يدعي الصحافي المحنّك أيضاً أنّ رئيس مركز الاستخبارات المركزية الأمريكية في إسلام آباد، أعيد إلى واشنطن بعد أن ظهر اسمه في وثائق محكمةٍ باكستانيةٍ وفي الصحافة الباكستانية، أقيل من منصبه واقعياً بسبب معارضته لمخططات الجنرال بترايوس، الذي هيمن على الحرب الأفغانية في الصيف الماضي بعد صرف الجنرال ماكريستال.
قال هيرش: «حين وضع باتريوس تقريراً متفائلاً حول الحرب في كانون الأول وقدّمه إلى الرئيس»، فإنّ رئيس المركز «أعلن أنّ الأمر كان إفلاساً... داخلياً...، قال فقط: «إنّه تعنّتٌ خالص، سياسة متعنتة»، وهذا سبب طرده».
قال هيرش، «كففت عن اعتقادي بأنّني متحرّرٌ من أوهام السي آي إيه»، «إنّهم مدرّبون على الكذب منذ أمدٍ طويل. سيكذبون على رئيسهم، سيكذبون بالتأكيد على الكونغرس، وسيكذبون على الشعب الأمريكي. هكذا هم».
(كان هيرش يتحدّث بدعوة من كلية السلك الخارجي في جامعة جورج تاون، التي تدير فرعاً جامعياً في قطر).