الحرب الأمريكية في الشرق (1)

الحرب الأمريكية في الشرق (1)

في عام 2012 أعلن «ليون بانيتا» - وزير الدفاع الأمريكي السابق- ضرورة إرسال 60% من القوة البحرية الأمريكية إلى المنطقة بين الهند والمحيط الهادئ حتى عام 2020. وفي عام 2013 أعلن «تشك هيغل»- وزير الدفاع الأمريكي الحالي- أهمية وجود 60% من القوة الجوية الأمريكية في المنطقة ذاتها حتى قبل 2020.. السؤال البديهي: لماذا تحتاج الولايات المتحدة أغلبية قوتّها العسكرية في أقصى شرق العالم..؟

كل الدول الموجودة في تلك المنطقة هي عملياً حليفة للولايات المتحدة أو على الأقل عاجزة عن مواجهة الأمريكيين، ما عدا الصين، التحدي الاقتصادي الكبير والحجم الهائل من الاحتياطي بالدولار هو ما تمثله الصين، وهي الحليف الضخم لروسيا والعضو في حلف «بريكس» القوة الاقتصادية الصاعدة التي تهدد السيطرة الأمريكية.

نقاط الاختراق

من غير المتوقع أن تكون «الحرب» على الصين بشكل تقليدي ومباشر، لا بد من الاختراق إلى الداخل وزعزعة ركائز الدولة، تفتيتها إذا أمكن ليسهل التحكم والسيطرة. وفي الصين عدة «خواصر ضعيفة» يمكن استغلالها. بداية مع ملف «حقوق الإنسان»، اللعبة الأمريكية التي لطالما استخدمت لانتهاك سيادة البلدان، في الصين يوجد قضية «التيبت» وقضية إقليم «اللايغور» وهما إقليمان يطالبان بالانفصال عن الدولة الصينية بناءً على وجود «أقليّة» تحتاج الحماية والرعاية الدولية. ففي «التيبت» هناك البوذية والمتصوفون البوذيون «الزاهدون بالدنيا»، لكنهم غير زاهدين بـ«الاستقلال». وفي «اللايغور» هناك جماعات إسلامية تطالب بالاستقلال عن «دولة الكفرة» الصينيين، وتقوم القاعدة بتدريب الآلاف منهم وفق تقارير استخباراتية، وطبعاً لا يمر مؤتمر أو لقاء دولي إلا ويقوم المسؤولون الأمريكيون بذكر القضيتين ومطالبة الصين «باحترام حق تقرير المصير»!.
إمكانية الاختراق تأتي أيضاً من التحوّل الكبير الذي شهدته بنية الدولة الصينية، التحول إلى الليبرالية واقتصاد السوق أضعف إمكانيات الطبقة العاملة عبر انتهاك العديد من حقوقها المكتسبة عبر سنوات الحكم الاشتراكي، فحوّلها هدفاً سهلاً أمام الشركات العابرة للقارات والقطاع الخاص، بالرغم من وجود إرث قوي في قوانين من الفترة الاشتراكية تقيّد حركة القوى العاملة خارج الصين وتفرض الرقابة على عمل القطاع الخاص، لكن الأبواب انفتحت واسعة لاختراق تلك القوانين، وواقع نسب الفقر وتوزيع الثروة في الصين اليوم هما دليل قاطع.

نقاط المحاصرة إقليمياً أيضاً

 لدى الصين العديد من المشاكل التي يمكن استغلالها، تايوان بداية، الملف القديم والأرض التي اقتطعت من الصين عندما ضعفت الإمبراطورية الكبيرة. ثم هناك الخلافات البحرية مع اليابان، وهي خلافات حول تقاطعات جزئية وصغيرة لجزر لم تثبّت اليابان سيطرتها عليها لكن كانت الصين قد فقدت السيطرة الكاملة إبان حكم أمراء الحرب في الحرب العالمية الثانية. ومؤخراً أخذت اليابان باستفزاز الصين وافتعال إشكال دولي على تلك الجزئيات التي كان من الممكن حلّها ببساطة بين الجارتين، لكن إرادة الولايات المتحدة دفعت بغير ذلك، والدليل هو الاستنفار الأمريكي في قضية المياه الإقليمية الصينية-اليابانية وإرسال قطع عسكرية والتهديد بالتدخل المباشر ضد الصين.