باكستان مجدداً بين المصلحة الوطنية والنفوذ الأمريكي

باكستان مجدداً بين المصلحة الوطنية والنفوذ الأمريكي

ليس غريباً أن يكثر الحديث في الأيام الماضية عن احتمالية توقّف باكستان عن إكمال حصتها من خط الغاز الإيراني الباكستاني IP pipeline»»، وعن الصعوبات التي تواجهها باكستان في إيجاد تمويل للمشروع، وضرورة إعادة التفاوض على أسعار توريد الغاز من إيران، والصعوبات التي تواجهها إيران في تنمية حقول الجنوب نتيجة الحصار، وبالتالي ضعف إمداد باكستان بالغاز.

بدأت، مطلع هذا الشهر، المفاوضات الإيرانية الأمريكية الأوربية حول ملف النووي الإيراني، باتخاذها ميلاً جديداً ينذر بإمكانية حلّه. وأمام واقع التراجع الذي تعانيه الولايات المتحدة، والأزمات المزمنة التي تظهر إلى العلن بشكلٍ متتالٍ، والتأزم الأوروبي العام، يتقدم ملف خط الغاز الإيراني الباكستاني ليكون ورقة ضغط أمريكية، ضمن عملية التفاوض مع الجانب الإيراني، ومن ورائه مجمل حلف «البريكس».
وترافق الحديث عن إمكانية توقف خط الغاز الإيراني الباكستاني مع تقريرٍ لقناة «BBC» البريطانية حول صفقة أسلحة نووية بين السعودية وباكستان، حيث ستقدِّم السعودية، تسهيلاتً في تسعير النفط المباع لباكستان وقروض مشجّعة. دون أن ننسى الارتباط الوثيق بين حركة «طالبان» والسعودية تمويلاً ورعاية.
إذاً، في خضم مخاض تغيّر الميزان الدولي تعتمد الولايات المتحدة على نفوذها المتقدم في الشرق (وسط آسيا تحديداً)، لتحسين شروط التفاوض مع الخصوم، من هنا تبرز أهمية الوزن الأمريكي في باكستان، وما يمكنها تحقيقه من خلاله.
من منظور آخر..
يصعب التكّهن بدقّة أين ستؤول الملفات تلك، لكن يمكن الجزم بنقاط ستساهم في رسم صورة الصراع الدولي عموماً، والصراع في آسيا الوسطى خصوصاً، حيث ستضغط الولايات المتحدة بكل نفوذها في تلك المنطقة، بعد التراجع في كل من جنوب أمريكا وشمال أفريقيا (مصر وتونس تحديداً)، وفي منطقتنا في الملف السوري خاصة، بالتالي ستشهد المنطقة تغيّرات كبيرة في عدة مجالات جيوسياسية.
ومن جهة القرار الباكستاني، هناك أربعة عوامل تضغط بعكس المصالح الأمريكية:
ـــ صعوبات التمويل التي تتحدث عنها الحكومة الباكستانية، لتغطية تكاليف مد خط الغاز في أراضيها. وفي هذا السياق، ما تزال المباحثات قائمة بين الحكومتين الباكستانية والإيرانية، لإمكانية تقديم قرض إيراني جديد، وأيضاً أعلن وزير النفط والثروات الطبيعية الباكستاني، «شهيد عبّاسي»، عن مشاورات مع شركة ««Gazprom الروسية العملاقة لإمكانية مد خط الغاز.
ـــ الضغط الشعبي المتزايد لإنهاء أزمة الطاقة في باكستان، والإسراع بإنهاء خط الغاز مع إيران وبدء الضخ، وبالتالي إحداث تغيير جذري في الاقتصاد ومعدلات النمو.
ـــ الضغط الشعبي الكبير لضرورة أخذ موقف شديد من استمرار ضربات الولايات المتحدة على الأراضي الباكستانية، والتهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على باكستان في حال تفعيل خط الغاز، رغم أن هذا المشروع لا يندرج ضمن لوائح العقوبات على إيران.
ـــ التغيّر في التوازن الدولي لغير مصلحة الولايات المتحدة، وما يفترض دراسة العلاقة الباكستانية الأمريكية، في ظل تقدّم موضوعي للقوى الإقليمية المجاورة لباكستان.