العراق: من أداة إمبريالية أمريكية للتفتيت.. إلى مفتاح لبيت عربي تحرري

روج مجلس الحكم سيئ الصيت غداة احتلال العراق، لولادة شرق أوسط جديد يشكل العراق قلبه ومفتاحه نحو نهضة اقتصادية - سياسية عنوانها الديمقراطية الأمريكية المعلبة المستوردة على ظهر دبابات الاحتلال.

كان المفترض وفقاً لزعمهم، وبعد خلاص الشعب العراقي من النظام الفاشي، تحول العراق إلى خلية نحل لبناء عراق «يابان الشرق الأوسط»، وإذا به يغدو «صومال» المنطقة، ووكراً لأمراء التقسيم والتفتيت. وجاء ارتفاع معدلات الإرهاب الطائفي منذ مطلع 2013، ليسجل اسشتهاد وإصابة 3000 مواطن عراقي خلال شهر أيلول فقط، في تساوق مثير للسخرية مع دور عصابات القاعدة وفلول النظام البائد في تأجيج للنزاعات الطائفية والعرقية التقسيمية، وانتقالها إلى سورية على يد «داعش» لتنفيذ مخطط «سايكس-بيكو 2» القاضي بتقسيم خمس دول عربية إلى 14 دويلة طائفية إثنية، أما أعضاء مجلس الحكم فتوِّجوا رؤوساء مافيات قتل ونهب تمهيداً لهذا التقسيم.
إمارات طائفية اثنية أم انتقالة ثورية
يؤشر المشهد العراقي والسوري إلى أن البلدان خاصة والمنطقة عامة أمام لحظة انتقالية تاريخية، فالقوى اليسارية والوطنية الديمقراطية في البلدين الشقيقين تناضل من أجل انعطافة ثورية تنهي مرحلة الدكتاتورية والتبعية والظلم رافضة التدخل الخارجي وسيلة للتغيير، وتتصدى بالوقت نفسه للعدوان الإمبريالي المباشر وغير المباشر ولمهام تحرير الأراضي المحتلة كموقف اليسار السوري الشقيق ممثلاً بحزب «الإرادة الشعبية» وحلفائه وقفة تاريخية في هذا الشأن، حيث أغلق باب اليسار الانتهازي المروِّج للعدوان الخارجي سبيلاً للتغيير.
تفتح الانعطافة الثورية الطريق أمام تأسيس الدول الوطنية الديمقراطية المؤطرة في اتحاد عربي جيوسياسي، أما القوى الرجعية المتسلحة بالخطاب الطائفي وأسيادها الصهاينة، فتخوض حرب فبركة الدويلات الطائفية العنصرية المهيمنة على ثروات المنطقة لمصلحة الإمبريالية العالمية. فإذا كانت القوى الإسلامية الإرهابية الفاشية اعلنت عن البدء في بناء كيان سياسي عابر لحدود الدولة الوطنية وأطلقت عليها تسمية «دولة العراق والشام الإسلامية- داعش»، فمن باب أولى أن يفضي التعاون والتنسيق بين القوى اليسارية والوطنية الديمقراطية في العراق وسورية إلى مستوى اللحظة التاريخية بتشكيل «مجلس ثوري» عراقي- سوري-لبناني، يضم كل القوى الحية في المجمتع والدولة، تمهيداً لإقامة الدولة الاتحادية العربية في العراق وسورية ولبنان، القادرة على تحرير الشعوب العربية الشقيقة الثلاثة من التخندقات والتوجسات الطائفية الإثنية، وتحقق أرقى أشكال التكامل الاقتصادي المفضي إلى بنية سياسية ديمقراطية، تؤسس هذه الدولة الاتحادية على خارطة المنطقة والعالم ككيان إنساني تقدمي يوفر الحرية والخبز والأمن لمواطنيه، وليغدوا منارةً يضيء الطريق لشعوب المنطقة عامة والخليج خاصة نحو الحرية والتقدم.
العراق بين خيارين
إن الأعداء قبل الأصدقاء يعلمون ما للعراق من موقع محوري في المنطقة، فقد قال الصهيوني جو بايدن مؤخراً: «يسألني الكثيرون: لماذا تركز على العراق؟ اعتقد أن العراق يمكن أن يكون المحور الذي تدور حوله عجلة الحل للتوترات». ولذلك استهدفت الإمبريالية الأمريكية من خلال احتلالها العراق، أن يشكل المركز في رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد.
أما اليسار العراقي فقد ناضل بالاتجاه المعاكس لمخططات الاستعمار بالأمس والإمبريالية اليوم، فعلى مدى العقود ومنذ تأسيس الدولة العراقية 1921 ناضل من أجل استقلال العراق لكي يلعب دوره التحرري على الصعيدين العربي والعالمي، لما يتمتع به من موقع جغرافي وتركيب وتنوع اجتماعي، وثقافة وطنية عريقة وحركة ثورية مؤثرة.
لقد خسر الاستعمار المعركة تلو الأخرى، مما جعل الإمبريالية الأمريكية تفبرك الأنظمة التابعة «مغلفة بشعارات قومجية يساروية»، والتي أشعلت الحروب بالنيابة عنها، وحوصر الشعب لسنوات طوال، لتنتهي أربعة عقود خدمة للأنظمة بالنيابة باحتلال البلاد مباشرة، واصطنعت نظام المحاصصة الطائفية الإثنية، لكنها وصلت اليوم إلى طريق مسدود، فقطعت يدها في العراق وجميع المؤشرات تشير إلى أن التحول الثوري قادم في بلاد الرافدين.
كما إننا على يقين من أن التعاون بين العراقيين وأشقائهم السوريين، سيجعل منهم القوة القادرة على رسم خارطة المنطقة، رسمة تقدمية تحررية تطهرها من الأنظمة الثيوقراطية والدكتاتورية التابعة، والتنظيمات الإرهابية أداة الإمبريالية والصهيونية.

آخر تعديل على الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2013 13:09