دروس أوّلية في تاريخ الشعوب الأفريقية..
في حزيران 2011، وبينما كانت طائرات الولايات المحدة و«حلف الأطلسي» تقصف ليبيا يومياً، كانت وزيرة الخارجية الأمريكية في حينه «هيلاري كلنتون» تزور دولة زامبيا الأفريقية
قالت يومها كلينتون بغرور:«منظومة الاستثمارات والمساعدات الصينية في أفريقيا لم تتوافق دوماً مع المعايير الدولية للتعددية والحكم الرشيد، ونحن نرى فيها عجزاً في تنمية مواهب الشعب الأفريقي في التوجه لمصالحه الاقتصادية»!.
«الحكم الرشيد» الأمريكي في أفريقيا
في الأزمة الليبية أعلن الاتحاد الأفريقي مراراً تفضيل الحل السياسي-التفاوضي على الضربة العسكرية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها تجاهلوا رغبات الشعب الأفريقي وحكوماته واعتمدوا على أدواتهم العربية والإقليمية للتغطية على العدوان، «لتستمر سلسلة السلوك التاريخي في العبودية، والاستعمار التقليدي، ثم الاستعمار الجديد المتمثل في مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها كل أشكال حركات التحرر الأصيلة والحكومات التقدمية في أفريقيا» وفق ما يصف «أندريه أكولوف»*. ومن الجدير ذكره أن حوالي 5000 عنصر من القوّات الأمريكية يتواجدون اليوم في جيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجير.
في أحد تصريحاته يستهجن وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» كيف أن فرنسا دعمت «الثوّار» - وفق ما تصفه في ليبيا- من المجموعات المتطرفة وهي تحاربهم في مالي، وحذّرت روسيا والصين مراراً من انتشار المسلحين والسلاح وانتعاش حركتهم في أفريقيا كاملة بعد قيام الولايات المتحدة و«حلف الأطلسي» بتدريب المقاتلين الليبيين ومدّهم بالسلاح خلال الأزمة الليبية وقبلها وبعدها.
تاريخ العبودية والحريّة
وبالعودة لتصريح «هيلاري كلنتون»، فقد ردُّ الرئيس الزامبي «روبيا باندا» بأن العلاقة الوثيقة مع الصين تعود إلى ماقبل الاستقلال عام 1964، وتحدث عن لعب الصين دوراً أساسياً لمساعدة العديد من دول أفريقيا في مواجهة تداعيات «الأزمة المالية العالمية» عام 2008 والتي انطلقت من الولايات المتحدة لتضرب بورصات العالم كله.
وفي السياق ذاته جاء الردّ على تحذيرات «هيلاري كلنتون» من «غزوات» الاستثمار في تصريح آخر لها في تنزانيا، إذ تناولت الجريدة الصينية «China Daily» بسخرية جهل «كلنتون» بتاريخ العلاقة بين الصين والقارة الفريقية وخصوصاً مع دولتي زامبيا وتنزانيا، حيث تعتبر مدينة «دار السلام» التانزانية صرحاً في تاريخ العلاقة الصينية-الأفريقية، فمن هذه المدينة انطلقت عمليات بناء السكة الحديدية الأولى لتنزانيا وزامبيا بداية السبعينيات، وذلك بعد الاستقلال الذي ساهمت فيه الصين بشكل قوي وجذري في عهد الزعيم الشيوعي «ماو تسي تونغ».
وعلّقت الجريدة الصينية أيضاً: «لا حق له في التكلم عن التعددية والتنمية، ذلك من يجهل تضحيات الشعب التنزاني والزامبي لانتزاع الاستقلال والتحرر من العبودية والتمييز العنصري، ويجهل تضحيّات العمّال الصينيين وجهود الصين الشعبية في بناء هاتين الدولتين».
*أندريه أكولوف «Andrei Akulov»: محلل استراتيجي وكاتب صحفي. عضو في «مؤسسة الثقافة الاستراتيجية».