السودان.. لا جديد لدى الأنظمة
تستمر حكومة البشير الإخوانية في السياسة نفسها التي أوصلت السودان إلى مرحلة من التفتت والفقر لم يعد يطقيه أهلها.
ومع استمرار الاحتجاجات وعودة الجماهير إلى الشارع لتعبر عن غضبها من إجراءات الحكومة برفع أسعار المحروقات، وتردي الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفساد، واجهت الحكمومة السودانية هذه الاحتجاجات بالقمع والتعنت، وبذات الأوصاف التي وصفت بها الأنظمة العربية المتهاوية للحراكات الشعبية السابقة.
يتهم البشير معارضيه المتظاهرين في الشارع بأنهم:«العملاء والحرامية وقطاع الطرق اجتمعوا لإسقاط الخرطوم لكن الخرطوم يحميها الله وبداخلها رجال«!
تناسى النظام السوداني أن سياساته في الحكم التي أوصلت البلاد إلى التقسيم، مما أفقدها جزءاً هاما من ثرواتها، هي التي دفعت بالجماهير إلى الشارع، وأن إدعاءه «الصمود« في وجه المؤامرات، التي لا ننكر وجودها على أي دولة مفصلية، لا تواجه بإجراءات اقتصادية تزيد من توتر الشارع، بدل البحث عن موارد في جيوب الفاسدين. كما أن المؤامرة على السودان لم تبدأ بعمل الغرب على تقسيمه وحسب، بل أيضاً بسياسيات النظام التي اضطهدت الجموع المفقرة، وأساءت التوزيع العادل للثروة والتنمية بحق أهل الجنوب.
يصب البشير الزيت على النار حين يمعن في تعنته ضارباً بعرض الحائط كل الدروس التي يمكن الاستفادة منها، مما حصل في بلدان عربية أخرى كسورية ومصر وتونس، ويصر على إجراءاته المجحفة بحق الناس، ويقول إن حكومته:«متمسكة بالإجراءات الاقتصادية التي نفذتها قبل أسبوعين«!.
تكمن إحدى المشاكل الحقيقية في هذه الأنظمة بمستوى فهمها لطبيعة هذه التحركات، فهي سرعان ما تتهمها بأنها حراكات خارجية، وكأن الداخل معزول أو قابل للعزل، وهم في الوقت ذاته ما انفكوا يتحدثون عن الانفتاح الاقتصادي على الغرب. الضعف المعرفي يتجلى أيضاً عند هؤلاء الحكام لاعتبار أنها أحداث طارئة، وسرعان ما تخبو، وهو مايجسده البشير بقوله:
«الشعب هو من رد على العملاء الذين كانوا يريدون إسقاط النظام« أي أن البشير يرى في هذه الأحداث أنها طارئة ومؤقتة ومرتبطة بالخارج، وفي ذلك تسطيح وكذب وقلة معرفة. فإن صدقنا المؤامرة،وهي موجوة، فعلينا أن نؤمن باستمراريتها، وعلينا أن نجترح إجراءات تغلق الثغرات الموجودة في بلادنا، إن أردنا مواجهة حقيقية. لكن حقيقة الأمور أن هذه الاحتجاجات ستستمر كونها ردة فعل مضوعية محمولة في سخط الشارع على سياسات نظام، أمعن في النهب والقمع والتفرقة والكذب، ويبقى على القوى السودانية أن تجد البرنامج الذي يقطع الطريق على مصالح الغرب، ويؤدي إلى تغيير لمصلحة فقراء البلاد.