الغرب و«استدراك» الموجه الثورية الثانية في مصر
عندما اتصل أوباما بمرسي قبل يومين من يوم 30 تموز، أخبره أن أمريكا ملتزمة بالعملية الديمقراطية، لكنه شدد على أن العملية الديمقراطية أبعد من صندوق الانتخابات، .
بالمقابل أبلغ وزير الدفاع الأمريكي شاك هيغل نظيره المصري محمد السيسي أنه إذا تدخل الجيش فهذا يعتبر انقلاباً عسكرياً وأن أمريكا ستراجع ملف المساعدات المصرية
توالت ردود الأفعال المتناقضة لاحقاً، فالاتحاد الأفريقي علق عضوية مصر أيضاً، والمستشارة الألمانية طالبت الجيش المصري بإطلاق سراح الرئيس المعزول، أما دول الخليج الرجعية، فلم يكن دعمهم المادي أكثر من تعبير عن خوفهم من خروج مصر نهائياً من الفلك الأمريكي وهو مايعني تهديداً استراتيجياً لدول الخليج يذكر بأيام عبد الناصر، ناهيك عن ارتياحهم لأن نفوذ «الأيديولوجيا ورأس المال» الإخواني الذي كان يمكن أن ينافسهم على السلطة والثروة في بلادهم قد ابتعد، لذلك دفعوا أموالهم كي تكون رشى للوكلاء الجدد الممكن تسليمهم السلطة في محاولة لوقف العملية الثورية عند حد تغيير أحزاب ورؤساء دون الإقتراب من مضمون التغيير الثوري.
التحول أصبح أمراً واقعاً وحماية الإخوان ضرورة
غير الغرب طريقة التعامل ليصبح أكثر واقعية وابتعد عن نغمة إعادة الرئيس المعزول لأن هذا الطلب يعني الاستعصاء ويمكن أن يدخل مصر في عملية شطب نهائي للإخوان بالقوة، ليدفع ويزج بنفسه بالعملية السياسية والتفاوضية حتى يبقى ضمن دائرة القرار ولا يسمح للقوى المعادية له من الوصول للسلطة في مصر.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف قالت:«إن العلاقة مع مصر علاقة تاريخية وأزلية وأبعد من قضية المساعدات»، أما مستشار وزارة الخارجية الأمريكية آرون ميلر فقال:«إن الإطاحة بمرسي جاءت نتيجة غضب شعبي عارم»، بدورها كاثرين آشتون التي زارت القاهرة الأسبوع الماضي والتقت الرئيس المعزول محمد مرسي أكدت على أهمية التحول الديمقراطي، وأكدت صحيفة «تايمز» البريطانية أن آشتون رفضت مقابلة المسؤولين المصريين قبل لقاء الرئيس المعزول في إشارة دعم لقوى الإسلام السياسي في مصر. الاتحاد الافريقي أرسل وفداً للقاهرة التقى قيادات مصر الجديدة والرئيس المعزول ليخرج أن ما جرى هو هبة شعبية أطاحت بالرئيس.
تحجيم الإخوان وبروز الجيش
بعد سلسلة من الاعتقالات بحق رموز الإخوان، أعطت الحكومة الأوامر لفض اعتصام رابعة العدوية واعتصام النهضة خلال أربعة أيام فيما يبدو أنه محاولة لتحجيم الإخوان، بعد التوكيل الشعبي الهائل للجيش المصري من الحركة الشعبيبة الأخيرة الذي أعطته الشرعية للقضاء على الإرهاب والقضاء على كل القوى السياسية التي تحاول إدخال مصر في متاهات العنف، ومنعهم من استخدام العنف كورقة في المفاوضات حيث أنه من المعلوم قدرة الإخوان على لعب دور الضحية والمظلومية التاريخية في كسب ود الجماهير.
وأمام هذا الواقع وفي ظل عدم استطاعة القوى السياسية المصرية المختلفة، بحكم ضعف تنظيمها وطبيعتها النخبوية، وضع رؤية وخطاب سياسي وبرنامج عمل من أجل مصر قوية وذات سيادة، برز دور الجيش المصري كمتصدٍّ لهذه المهمة التاريخية واستطاع حتى اللحظة، ورغم كل الانتقادات، أن يستثمر الهبة الشعبية الثانية في مصر، في مسعىً لوضع مصر على سكة استعادة السيادة التي خسرها المصريون بعد كامب ديفيد..