بصراحة: العدالة الاجتماعية بين قوسين؟

وهذه المعادلة مستمرة طالما المنهوبون لم يعوا القوانين التي ينهبون بواسطتها، حيث يتم خداع العمال بمقولة الأجر الذي يحصلون عليه وهو جزء ضئيل من منتجهم الذي بدونه يبقى رأس المال لا قيمة له إذا لم يكن هناك منتج للعمل عندها يبدأ العمال بالتساؤل عن سر شقائهم الأبدي الذي يولده الاستغلال الناتج عن حرمانهم من نتاج عملهم الذي يستولي عليه الرأسماليون بقوة القانون والقمع المساند لحرية رأس المال في الاستغلال ونهب حقوق العمال.

القوانين تعبر بشكل أساسي عن مصلحة الطبقة السائدة، وكيما تسود هذه الطبقة لابد لها من تقديم الفتات المتبقي من موائد الاستغلال، وهذا ما عبرت عنه بعض النظريات الاقتصادية في مراحل تاريخية سابقة اصطلاحاً «بالضمان والرفاه الاجتماعي» أي تقديم الرشوة الاجتماعية للطبقة العاملة وبعض ممثليها كي  يبقى السلم الاجتماعي على ما يرام دون منغصات من قبل أصحاب الحق العمال، وحتى تلك الرشوة الهزيلة لم تستمر، وبُدئ بسحبها من العمال مع المركزة الشديد لرأس المال أي مع تبني الليبرالية الاقتصادية التي تم استيرادها إلى بلادنا، وتم تبنيها رسمياً، وصنعت لها ما يلزم من أدوات مختلفة، قانونية واقتصادية واجتماعية لعبت دوراً أساسياً في تعميق فرز المجتمع السوري إلى ناهبين «أقلية» ومنهوبين «أكثرية»، وهو ما يعبر عنه بمعادلة «أرباح-أجور» الناظمة لشكل ومضمون النهب الجاري في الدولة والمجتمع معاً.

إن تحقيق أعمق عدالة اجتماعية في الظرف السوري الراهن يعني تصحيح تلك المعادلة «أرباح-أجور» لمصلحة الأجور وهذا  له أدواته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها:

• مستوى عال من الحريات السياسية، والنقابية، والديمقراطية تمكن الطبقة العاملة وعموم الفقراء من تنظيم أنفسهم للدفاع عن مصالحهم.

• حركه نقابية مستقلة في قرارها واستخدام أدواتها الكفاحية وفي مقدمتها حق الإضراب والتظاهر السلميين.

• قوانين عمل تضمن ليس حقوق العمال فقط بل أيضاً تطبيقها الفعلي.

• قضاء عمالي مستقل وغير منحاز في قراراته يؤمن حقوق العمال العادلة المعتدى عليها، وأهمها حق العمال بعمل مستقر.   

• تبني نهج اقتصادي جديد يحقق أعلى نمو وأعمق عدالة.