الخبز: أرقام تثير كثير من الأسئلة

الخبز: أرقام تثير كثير من الأسئلة

سيحصّل رفع ربطة الخبز الواحدة بمقدار 10 ليرات سورية، مبلغ 12 مليار ليرة  لخزينة الدولة، بينما تشير متابعة التصريحات والتفاصيل المرتبطة بموضوع الخبز، واستيراد الطحين خلال العامين الماضيين، إلى وجود تناقضات في التصريحات الحكومية تسير إلى خلل في كميات الاستيراد، وأسعارها، ما قد يخبئ وراءه هدراً كبيراً.

كيف ذلك سنوضح في المادة الآتية، عن طريق عمليات حسابية بسيطة ضرورية، ترتبط بعملية إنتاج الخبز، وباستيراد الطحين تحديداً.

الطحين المستورد: تصريحات واستنتاجات: الحاجة - الكلف الهدر

سنعود إلى تصريحات مرتبطة بمسألة الخبز وبشكل أدق بمسألة استيراد الطحين التي تعتبر المشكلة الرئيسية في ارتفاع تكاليف إنتاج الخبز لنطرح تساؤلات ونبحث عن إجابات.
سعر الطن: رئيس الوزراء- 12-2013 
صرح رئيس مجلس الوزراء في الشهر الأخير من عام 2013 أمام مجلس الشعب:
« إن سوريا اضطرت لاستيراد اغلب احتياجاتها من الدقيق بتكلفة 580 دولارا للطن لتلبية الطلب المحلي اليومي الذي يقارب 6110 أطنان». وما نريده من هذا التصريح هو نقطة رئيسية وهي:
سعر طن الدقيق المستورد: 580 دولار/ طن
ينبغي الإشارة إلى أن أياً من أسعار الطحين على المستوى الدولي لم تتجاوز 325 دولار للطن خلال عام 2013 وفق بيانات منظمة الفاو (منظمة الأغذية والزراعة للامم المتحدة) ، وأن أسعار تصدير روسيا للقمح المطحون كانت في شهر 11-2013: 286.8 $/للطن، وأسعار اوكرانيا الاتحادية: 287,8 $/للطن. وهي الدول التي لم تلتزم بالعقوبات الاقتصادية وكانت وجهة استيراد الدقيق في تلك المرحلة. والتي تلاها الخط الائتماني مع إيران الذي يعتبر استيراد الدقيق بموجبه مؤجل الدفع. أي ان الدقيق المستجر من إيران لم تدفع الحكومة بموجبه مبالغ نقدية خلال الازمة حالياً.
يتم استيراد الطحين قبل الخط الائتماني الإيراني عن طريق عروض مناقصات، ثم عن طريق تعاقد مباشر مع وسطاء تجار لاستيراد الطحين من الاموال السورية المجمدة في الخارج، وقد صرح رئيس مجلس الوزرء حول ذلك:
«وجدت سوريا صعوبة في شراء المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والقمح والسكر والارز عن طريق المناقصات في الأشهر الأخيرة. وأبرمت بعض الصفقات عبر وسطاء دون طرح مناقصات، بسبب العقوبات، حيث لا تشمل العقوبات المواد الغذائية ولكنها تطول القطاع المصرفي وتشمل تجميد أصول مما يصعب عمليات طرح المناقصات». ويعود هذا التصريح إلى تاريخ 12-2013، وهو يوضح ان عمليات استيراد الدقيق كانت تتم عن طريق المناقصات، تلتها عمليات شراء عبر وسطاء أي مباشرة ودون مناقصة تفاضل بين الأسعار المعروضة، بحجة ان هؤلاء الوسطاء يستطيعون تحرير المال العام المجمد ولكن بسعر ضعف السعر العالمي!!
وهنا سنضع التساؤل الأول:
لماذا تستورد سورية طحيناً بقيمة 580 $/طن تفوق أعلى سعر عالمي في عام 2013، والبالغ 325 $/طن، بمقدار 255 $/طن. أي من أين تاتي هذه التكلفة الإضافية الكبيرة في سعر الطن والبالغة نسبة 43% من السعر الذي تدفعه الدولة؟ ومن المسؤول عن توقيع عقود بهذه الشروط والتكاليف المجحفة؟
الكميات الضرورية: 
وزير التجارة الداخلية -07-2014
«حالياً تقوم المطاحن العاملة بإنتاج 3930 طن طحين في حين تبلغ حاجتنا اليومية  4200 طن طحين، ما يدل على أن الفارق ضئيل بين الطحين المنتج وبين الحاجة اليومية من هذه المادة. وفي حال عادت مطاحن تشرين والغزلانية والكسوة للعمل في وقت قريب سيكون الوضع ممتازاً جداً».
أتى هذا في تصريح بتاريخ 6-7- 2014 لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد قاضي أمين، وما سنأخذه من التصريح هو تقدير لحاجة سورية من استهلاك الطحين في عام 2014 بالاعتماد على كمية الحاجة اليومية التي صرح عنها الوزير المختص، واستنتاج تغطية إنتاج الطحين محلياً من حاجات الاستهلاك الضروري المتراجعة في عام 2014، ومنها استنتاج كميات الاستيراد الضرورية في عام 2014.
كمية الطحين الضرورية لعام 2014: 
4200 طن يومياً × 365 يوم = 1,53 مليون طن.
قدرة الإنتاج المحلي لعام 2014:
3930 طن يومياً × 365 يوم= 1,43 مليون طن. 
كمية استيراد الطحين الضرورية لعام 2014:
 1,53 مليون – 1,43 مليون = 100 ألف طن طحين.
ونضع التساؤل الثاني:
طالما ان: إنتاج المطاحن المحلي يشكل 3930 طن يومياً من حاجة 4200 طن، وحاجة الاستيراد لا تتعدى 100 ألف طن طحين، وكلفتها: 9,2 مليار ل.س بناء على استيراد الطن بسعر 580 دولار/طن. بتاء على كل ذلك: من أين يأتي مبلغ 138 مليار ليرة لكلف استيراد الطحين التي صرح عنها وزير التجارة كما سنذكر لاحقاً؟
كلف الاستيراد: 
وزير التجارة الداخلية-3-2014
«إجمالي المبالغ المالية المرصودة لصنع رغيف الخبر في سورية عام 2014 بلغت 178 مليار ليرة سورية»
أتى هذا التصريح لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتاريخ 5-7-2014، وهو يتحدث حول كلفة عملية إنتاج الخبز بالكامل.
«المبالغ المخصصة لاستيراد مادة الدقيق هذا العام ستكون 138 مليار ليرة نظراً للحاجة إلى كميات أكبر من القمح لتلبية حاجات المواطنين، في حين لم تتجاوز المبالغ خلال العام الماضي 68 مليار ليرة.» 
أما هذا التصريح للوزير ذاته فيعود لتاريخ 11-3-2014، متحدثاً عن كلف استيراد مادة الدقيق.
ويمكن من التصريحين استنتاج أن كلف استيراد الدقيق (138 مليار ل.س) في عام 2014،  تشكل الجزء الأعظم من فاتورة الخبز الإجمالية (178 مليار ل.س). وهي نسبة 77,5%. وبناء عليه: تكاليف شراء القمح محلياً وعملية الطحن المحلية، والخبز، والوقود والنقل وغيرها تبلغ: 40 مليار ل.س. فقط
تكاليف استيراد الطحين لعام 2014: 138 مليار ل.س.
تكاليف الخبز والنقل والطحن المحلي: 40 مليار ل.س.

سنعتمد على الأرقام الأساسية المستنتجة والمأخوذة مباشرة من التصريحات الحكومية، حول سعر استيراد الطن، حاجة الاستيراد الضرورية، كلف الاستيراد الفعلية. والتي تضع أمامنا أرقاماً لا تفسرها التصريحات الحكومية، وتشير إلى هدر كبير واستيراد كميات إضافية، وبأسعار مرتفعة، تحتاج إلى تفسير، وتبقى برسم الجهات المسؤولة