الوفرة في المخابز... من قال: إن الأمن الغذائي يجب أن يُعيق تحقيق الأرباح!؟

الوفرة في المخابز... من قال: إن الأمن الغذائي يجب أن يُعيق تحقيق الأرباح!؟

الوفرة في المخابز... من قال: إن الأمن الغذائي يجب أن يُعيق تحقيق الأرباح!؟

وبالنظر إلى أن الاستهلاك اليومي كان يبلغ 4500 طن، منها 2220 طن مخصصة للقطاع العام، وبافتراض أن القطاع الخاص غير معني بإجراءات «التخفيض»، فهذا يعني انخفاض الاستهلاك إلى 1220 طناً، ما يعكس تقليصاً هائلاً في كمية الخبز «المدعوم» المتاحة للمواطنين.

هل التوفير على حساب الاحتياجات الأساسية للمواطنين؟


يبدو أن «الترشيد» هو الاسم الجديد «للتقشف الإجباري»، فقد تدهورت القدرة الشرائية للمواطنين لدرجة التقشف والتقتير في أهم مصدر غذائي – والوحيد للكثيرين – وتحول عجز المواطن عن الشراء إلى «وفرة» في خزينة الدولة. 
بينما يخفي تصريح الصيادي حول «ترشيد» النفقات، مرارة ما يعيشه السوريون. فالواقع أن «الوفرة» التي تحققت ليست نتاجاً لسياسات اقتصادية ناجحة، بل نتيجة مباشرة لمعاناة المواطن. فالتداعيات المباشرة لهذا التقليص تعني حرمان آلاف العائلات من تغطية كامل احتياجها الفعلية من الخبز.


تقليص الهدر!


إن الحديث عن تقليص الهدر يفتقر إلى معطيات واضحة وشفافة، فلا يشمل تحديد نقاط الهدر، وآليات القياس المعتمدة، أو حتى نسب الهدر في الصوامع والمطاحن وموارد الإنتاج الأخرى، ما يجعل من حديث الصيادي عن انخفاض «نسب الهدر من 27% إلى مستويات متدنية» مجرد انطباع عام، خاصة في ظل تضارب الأرقام والمعلومات المقدمة. 
ففي حين أشار في تشرين الثاني إلى أن عدد المخابز العاملة كان 272 من أصل 354، يقول اليوم: إن العدد كان 217 بعد سقوط السلطة السابقة، ثم ارتفع اليوم إلى 288. 
يُفقد هذا التضارب الثقة في أي إحصائيات مقدمة، ويُظهر ضعفاً في جمع البيانات وتوحيدها، بل ويُسهم في إرباك الرأي العام، ويقلل من قدرته على تكوين صورة واضحة وموضوعية عن الوضع الحقيقي.
أما إذا كانت المؤسسة تتحدث عن «وفرة» سنوية بأكثر من 110 ملايين دولار بسبب تقليص الهدر، فهذا يعني أن الهدر كان يتجاوز 2600 كيلوغرام في خط الإنتاج الواحد يومياً، بعد الأخذ بعين الاعتبار أن خطوط الإنتاج بلغ عددها بحسب البيانات الأخيرة 381 خطاً.

تحسن الجودة


من مؤشرات نجاح تقليص الهدر هو استقرار جودة الخبز، إلا أن الجودة– إن وجِدَت– فهي نسبية، وتختلف بين مخبز وآخر، ومحافظة وأخرى، وليست معممة أو دائمة، خاصة في ظل غياب معايير واضحة وشفافة قابلة للقياس، بالإضافة إلى غياب الرقابة.
أما المؤشر الآخر، فهو في حساب التكاليف للكيلو غرام، المتغير بين تصريح وآخر ومن مصدر لآخر، وهي بمفرداتها المتنوعة تعتبر بوابة العبور الواسعة الرئيسية لكل هوامش النهب والفساد.
 يضيف الصيادي في المقابل، قوله: إن «جودة الخبز تحسنت 70%»، والسؤال هو: كيف تم الوصول إلى هذه النسبة؟ ما هي المعايير التي استندت إليها المؤسسة لتحديد هذا التحسن الكبير؟ هل اعتمدت دراسات استقصائية؟ أم تقييمات مخبرية؟ أم معايير داخلية؟
ويعزز غياب الأجوبة الانطباع بوجود فجوة كبيرة بين التصريحات والواقع على الأرض.

من المستفيد؟


منذ بداية العام، لم يتقلص استهلاك كميات كبيرة من الطحين عند المؤسسة فقط، بل تقلص عدد الأرغفة، ووزن الربطة، وسعرها ارتفع. «فالوفرة» عملياً هي توفير في الإنفاق الحكومي على دعم الطحين، وتحوّل محتمل في وجهة الدعم، من دعم مباشر للمواطن، إلى دعم غير مباشر للقطاع الخاص.
فالتوفير المالي لا يمكن اعتباره نجاحاً إذا كان على حساب الأمن الغذائي للمواطنين. ما يتطلب مراجعة شاملة لسياسات الدعم، وشفافية في تحديد وجهة الوفر بقيمة كميات الطحين المقلّصة، ووضع آليات رقابة صارمة لوقف التلاعب بأمن السوريين الغذائي، والذي استمر أعواماً طويلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1257