عندما يصبح المطر كابوساً للسكان في مناطق الفقر وينذر بكارثة إنسانية!
يتكرر مشهد تردي الخدمات في مناطق الفقر (المخالفات والعشوائيات)، وخاصة على مستوى البنى التحتية للشبكات العامة، من الكهرباء إلى المياه والهاتف والصرف الصحي.
فمع دخول فصل الشتاء وتكرار المنخفضات الماطرة، تتكشف هشاشة شبكات الصرف الصحي والمطريات ليتحول هذا الإهمال الرسمي إلى تهديد مباشر لحياة آلاف المواطنين وصحتهم رغم تكرار الشكاوى، لكن الجهات المعنية تهوى سياسة الحلول الترقيعية وإن استمر الحال هكذا 30 عاماً إضافية!
فشبكة الصرف الصحي في حي المزة 86 في دمشق مثلاً، وهو أحد أكبر الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان، متهالكة منذ أكثر من 30 عاماً، والحلول التي تقدمها المحافظة لا تتجاوز عمليات «تسليك مؤقت» لا يعالج المشكلة جذرياً وتحميل الأهالي تكاليفَ باهظة مع كل صيانة، فهم اعتادوا اللا مبالاة الرسمية أمام مطالبهم لتحسين واقع الخدمات، فهو إهمال بذرائع لا تعد ولا تحصى عن التكاليف أو عدم توفر التجهيزات والآليات، إلى تبرير الوضع المأساوي بالطابع العشوائي لتمديد هذه الشبكات بعيداً عن أي دراسة فنية أو الأخذ بالاعتبار تعدادها السكاني الكبير.
ليُترك السكان لمصيرهم يرزحون تحت وطأة مخاطر صحية وبيئية، أمام فيض المياه الآسنة في الشوارع والمنازل إلى انتشار الروائح الكريهة والقوارض والحشرات، البيئة الخصبة للأمراض الخطِرة.
ناهيك عن تحول الشوارع إلى مستنقعات مع اشتداد هطول الأمطار، مما يعيق الحركة وتنقل السكان ليُضاعف معاناتهم في الوصول إلى أعمالهم أو مدارسهم.
هذه الصورة ليست استثناء لحي دون آخر بل صورة عامة لمناطق الفقر من حي التضامن إلى المزة 86 وحارات ركن الدين والصالحية المرتفعة وعش الورور، كما غيرها، وكأنهم منبوذون من قبل الجهات المسؤولة عن هذه الخدمات، كحالهم المهمش الذي فرض عليهم السكن في مناطق المخالفات والعشوائيات، مُجبرين تحت أوضاع اقتصادية ومعيشية خانقة.
هذا الخلل الكبير لا يتحمل انتظار خطة العام القادم لمعالجة المشكلة بل خطة طارئة وحلول عاجلة، لا وعود وتسويف وحديث رسمي لا يغني ولا يُسمّن منذ عقود، لاستبدال خطوط الصرف الصحي في هذه الأحياء، التي ما زالت تنتظر المصادقة أو الإجراءات الحثيثة والواعدة لتنظيف المصارف والشوايات المطرية والواقع يختنق ويصرخ أمام وعود لا تتجاوز إطار التصريحات وتبقى على الورق، فالشكاوى تريد آذاناً مصغية (محافظة، بلدية، وإدارة محلية) والواقع لا يحتمل التأجيل.
فقُرعت الأجراس في وجه كل مسؤول، والتحرك قبل فوات الأوان واجب ومسؤولية من يُفترض أنهم أوصياء على حياة الناس!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1255
منية سليمان