سوق الخجا... مهنُ الآباء في وجه تفشي التهريب
دقّ أمين سر المجمع التجاري لسوق الخجا بدمشق، خالد حديد- ناقوس الخطر، بعدما أغلقت الكثير من الورش الصغيرة أبوابها لعجزها عن مجاراة الأسعار المنخفضة للبضائع الأجنبية، في وقت يتحمل فيه المنتج المحلي ضرائب مرتفعة وتكاليف إنتاج عالية جداً.
حيث يواجه السوق وحرفيوه تحدياً وجودياً في مواجهة انقراض محتمل، نتيجة غزو السلع المستوردة، ولا سيما التي دخلت– وما زالت تدخل– إلى الأسواق بطرق غير مشروعة.
تحديات كبيرة
يُعاني الحرفيون من ارتفاع تكاليف الطاقة، والعمالة، والمواد الأولية، التي باتت تشكل عبئاً يقلل من قدرتهم على المنافسة، يُضاف إلى ذلك العبء الضريبي بعد أن حدد القانون الضريبي الجديد ضريبة ثابتة بنسبة 10% في تجاهل لحجم الورش أو المصانع، وبدون تمييز بناء على حجم الإنتاج والأرباح. كما تساهم التقلبات المستمرة في سعر الصرف في ارتفاع تكاليف استيراد المواد الخام.
أما الجانب الآخر فيتمثل في ضعف الحماية والرقابة، حيث أكد حديد على ضرورة حماية الصناعة الوطنية. فما زال السوق يشهد غياباً للقوانين الرادعة، وفي أحسن الأحوال، يشهد ضعفاً في تطبيقها، مما يتيح للسلع المستوردة والرخيصة، والمهربة في كثير من الأحيان، إغراق السوق المحلية.
تتفاقم أزمة سوق الخجا، الذي من المفترض أن يشهد إقبالاً خلال موسم الشتاء وبداية العام الدراسي، نتيجة تراجع القدرة الشرائية، ما أجبر المواطنين على البحث عن خيارات أرخص، حتى لو كانت على حساب الجودة. وقد أدى هذا الركود إلى ابتعاد المستهلكين عن السوق بشكل شبه كامل، مما خفض حجم الطلب الكلي وأدخل الصناعة في دوامة من التراجع.
تأثيرٌ يطال الجميع
يتجاوز تعطل الصناعات الحرفية في سوق الخجا تأثيره المباشر على الحرفيين أنفسهم، ليشمل تآكل سلسلة القيمة بأكملها، بدءاً من منتجي ومورديّ المواد الخام، الذين يعتمدون على الورش الصغيرة كمنافذ رئيسية لمنتجاتهم، سواء كانت جلوداً أو خيوطاً أو أدوات متخصصة. بالإضافة إلى تأثر شبكات التسويق والبيع، التي لن تبقى قادرة على الاستمرار في ظل تراجع الإنتاج.
وينعكس هذا التراجع على عشرات آلاف العمال المباشرين وغير المباشرين، والذين سيفقدون مصدر رزقهم، مما يفاقم من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
كما فقدت الصناعات الحرفية- خلال سنوات الأزمة، ونتيجة الإهمال المستمر- قدرتها التصديرية، وتحولت من كونها مساهماً في تعزيز الاقتصاد، إلى صناعة منكفئة، بل ومهددة بالاندثار.
حماية السوق ضرورة لا رفاهية
إن أزمة سوق الخجا، ليست مجرد أزمة تجار أو ورش صغيرة، بل قضية تتعلق بسياسات اقتصادية كلية، وحماية للتراث والهوية الثقافية، والحفاظ على شبكة معقدة من فرص العمل وسلاسل الإمداد. وغياب الإجراءات الفاعلة لن يؤدي إلى اختفاء سوق فقط، له تاريخ عريق، بل إلى تعطيل جزء حيوي من النسيج الاقتصادي والاجتماعي، مما يعمّق الأزمات الاقتصادية والبطالة، ويُضعف القدرة الإنتاجية على المدى الطويل.
ما يتطلب خطوات عملية نحو تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية ومكافحة التهريب بشكل فعال. بالإضافة إلى دعم الإنتاج المحلي، وتخفيف الأعباء الضريبية على الحرفيين، عبر اعتماد ضريبة تصاعدية، وتوجيه الدعم نحو تخفيض تكاليف الإنتاج (الطاقة، والمواد الأولية)، بدلاً من دعم استهلاك سلع مستوردة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1255
سلمى صلاح