هل هناك نمو فعلاً؟ بيانات وزارة الاقتصاد والصناعة تقول: نعم!
فرح شرف فرح شرف

هل هناك نمو فعلاً؟ بيانات وزارة الاقتصاد والصناعة تقول: نعم!

أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة عن بيانات تشير إلى ما وصِف بأنه «قفزة في النمو الصناعي»، حيث أشارت إلى أن عدد المنشآت الصناعية المرخصة حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام بلغ 2225 منشأة، إجمالي العاملين فيها 25643 عاملاً.

أي إن متوسط العمالة لكل منشأة هو 11,5 عامل، ما يشير إلى طابع صغير ومتناهي الصغر لغالبية هذه المنشآت. فيما يمثل هذا العدد 0,4% فقط من إجمالي القوى العاملة التي قدرتها مجموعة البنك الدولي لعام 2024 بـ 6,62 مليون. وبمعنى آخر هي لا تغطي سوى 0,65% من العجز السنوي المتوقع في سوق العمل، نظراً لنسبة البطالة التي تزيد عن 60%، بحسب وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار.


ما علاقة القطاع العام؟


تشير بيانات مجموعة البنك الدولي، إلى أن عدد القوى العاملة في سورية عام 2010، بلغ 6,13 مليون، يعمل منهم في القطاع العام بحسب مركز الإحصاء 1,360,021، أي إن القطاع العام كان يستقطب 22,18% من إجمالي العاملين، فيما كانت نسبة البطالة 25%.
فيما ارتفع هذا العدد في العام 2022، فبلغ عدد العاملين في القطاع العام 1,447,895، من إجمالي القوى العاملة والمقدرة بـ 5,81 مليون، بينما ارتفعت البطالة إلى أكثر من 37%، وبالتالي لم يتجاوز استقطاب القطاع العام 24,92%.
أما «القفزة» الحقيقية فهي في التقليص الكارثي المخطط له لعام 2025/2026، حيث أشارت وزارة التنمية الإدارية في كانون الثاني من هذا العام، إلى أن حاجة الدولة ستتراوح ما بين 550 إلى 600 ألف عامل وموظف فقط، ما يعني تسريح قرابة 800 ألف موظف من أصل أكثر من 1,3 مليون؛ أي إن نسبة القطاع العام من إجمالي القوى العاملة (6,62 مليون) – بما فيها العاطلون عن العمل، والذين تفوق نسبتهم 60%– بالكاد تتجاوز 9%!


بين الماضي والحاضر


لم يكن تراجع دور القطاع العام جديداً، فقد بدأ عملياً منذ بدء تطبيق وصفات صندوق النقد الدولي، وبداية ما سمي «بالسوق الاجتماعي» في العام 2005، ولم يكن القطاع بالتالي مصدر استقطاب فعلي للعمالة، وذلك نتيجة إهمال ممنهج للقطاعات الإنتاجية.
بينما تعمل السياسة الحالية على تفكيك القطاع العام بشكل كامل، وبمعدل سريع يزيد من تفاقم الأزمة الاجتماعية، فاعتماد 600 ألف موظف فقط، يعني أن القطاع الحكومي سيفقد من حجم عمالته خلال الأعوام 2022-2025، 58,5%!
فالقطاع العام ليس فاشلاً بل مُفشّلاً، ورغم مشكلاته، كان يُشغّل أكثر من 1,3 مليون شخص، ويوفر خدمات أساسية (تعليم- صحة- كهرباء...)، ولتحقيق «نمو» حقيقي المطلوب هو إعادة هيكلة القطاع العام، ليكون مولّداً للتوظيف بدلاً من تفكيكه، وإعادة توجيه السياسة الصناعية نحو قطاعات إنتاجية كثيفة العمالة وذات قيمة مضافة.
أما النمو الصناعي الحقيقي فيقاس بزيادة حصة الصناعة في الناتج المحلي، وتطوير التصدير الصناعي، وارتباط الصناعة بسلاسل إمداد محلية، فيما الغالب أن هذه المصانع والورش تعتمد وبكثرة على المستوردات. بالإضافة إلى خلق وظائف مستقرة ذات إنتاجية عالية؛ فالحديث عن توفير 25 ألف وظيفة جديدة في 2225 منشأة لا يكفي وحده لاعتباره مؤشراً للنمو.
فبيانات الوزارة لا تكشف عن «نمو» صناعي حقيقي بالمعنى التنموي، وما يُعلن عنه هو إحصاءات كميّة نظرية، تهدف إلى ترويج صورة «انتعاش وهمي» بينما الاقتصاد الحقيقي يعاني من شلل إنتاجي واستثماري حاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1255