ارتفاعٌ جديد ينهك المواطنين... أسعار الفروج تحلّق
شهدت الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعاً حاداً في أسعار الدجاج، ما وضعه في مقام السلع «الفاخرة»، وذلك رغم انخفاضه في شهر تموز المنصرم.
حيث تُظهر المقارنة بين أسعار شهر تموز وتشرين الأول ارتفاعاً صادماً، وعودة إلى أسعار ما قبل سقوط سلطة النظام؛ فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر كيلو الوردة من 23 ألف ليرة إلى 30 ألف، ما يقارب 31%، وارتفع كيلو الكستا من 27 ألف ليرة، إلى 35 ألف، أيضاً نحو 30%، أما الفروج فقد «حلّق» حرفياً، وسجّل ارتفاعاً بنسبة أكثر من 45%، حيث بلغ سعره 32 ألف ليرة، بعد أن كان 22 ألفاً!
كما ارتفع سعر كيلو الشرحات إلى 54 ألف ليرة، بعد أن كان سعره يتراوح ما بين 34 إلى 36 ألف ليرة، أي بارتفاع 50% خلال شهرين فقط!
غلاءٌ جديد
في البحث عن الأسباب وراء هذا الارتفاع، نسمع عشرات الحجج والذرائع، التي لا تبدأ عند ارتفاع التكاليف ولا تنتهي بالحديث عن الدولار. وفي ظل وضع معيشي مرهق تواجهه الغالبية العظمى من السوريين، تتحول هذه التقلبات من مجرد أرقام إلى كابوس يومي يؤرق الأسر ويهدد استقرارها الغذائي والاجتماعي.
فالدجاج اليوم بات رفاهية لا يقوى عليها إلا القليل، وتحول، مثله مثل الكثير من السلع، إلى وجبة «مناسبات»، ما يعكس تدهوراً جديداً في القدرة الشرائية ومستوى المعيشة ويدفع الأسر إلى إعادة ترتيب أولوياتها، غالباً على حساب الجودة والتنوع.
لماذا لا ينخفض السعر رغم استيراد الأعلاف؟
رغم استيراد كميات من الذرة الصفراء الأمريكية إلا أن سعر الأعلاف لم ينخفض، بالرغم من أن الفارق في سعر الصرف لم يتجاوز 2,6%، من 11,300 إلى 11,600، لكنه – كما جرت العادة – شكل دافعاً جديداً ليرفع المستوردون من أسعارهم. وفي قطاع يعتمد بشكل شبه كلي اليوم على المستوردات (أعلاف، متممات غذائية، أدوية بيطرية، معدات)، انعكس الارتفاع على المربين، الذين يمررون التكاليف بدورهم إلى المستهلك.
بالإضافة إلى خروج عدد كبير من المربين من السوق خلال سنوات الأزمة، وتراجع الإنتاج المحلي، شهد القطاع ارتفاعاً في تكاليف البنى التحتية للمداجن (أنظمة التهوية، والتدفئة، والشرب، والتبريد)، وتكاليف صيانة باهظة، مضافاً إليه ارتفاع تكاليف النقل والطاقة مع ارتفاع أسعار المحروقات، ما ينذر بموجة جديدة من الغلاء قد تطال الفروج ومشتقاته خلال فصل الشتاء، ما سيزيد من معاناة السوريين ويدفع بهم إلى مزيد من العوز.
بالتالي، فإن الارتفاع هو نتيجة تراكمية، يرافقه ضعف الرقابة على الأسواق. فحتى وإن استقرّ سعر الصرف، إلا أن البنية التحتية المتضررة للقطاع، واستمرار منطق الاحتكار والسمسرة، وتفشي الفساد، وعدم الكفاءة، تجعل أي تحسن في المدخلات (مثل استيراد الذرة) غير قادر على تحقيق استقرار حقيقي في الأسعار.
غياب الكفاءة والتخطيط
يؤثر غياب الإحصاءات الدقيقة عن أعداد الدواجن، أو احتياجات الأعلاف، أو حجم الاستهلاك، على الإنتاج، وغالباً ما يؤدي إلى فوضى في السوق. كما ساهم تراجع الخبرة وهجرة الفنيين والخبراء إلى تراجع الإنتاجية وارتفاع في نسبة النفوق بسبب سوء الإدارة.
ناهيك عن غياب أي سياسات داعمة وفعالة لدعم المربّين، سواء عبر قروض ميسرة، أو دعم مباشر للأعلاف ومدخلات الإنتاج، ما يؤدي إلى هدر الموارد ويقلل من الإنتاجية.
المواطن ومزيدٌ من الإنهاك
تأثر البيض كذلك، والذي كان مصدراً رئيسياً للبروتين، إن لم يكن الوحيد لدى غالبية السوريين، بارتفاع الأسعار؛ فارتفع سعر الصحن إلى 43 ألفاً خلال أسابيع قليلة، بعد أن كان سعره 20 ألفاً. حيث يؤدي هذا الارتفاع إلى حرمان الكثير من العائلات من مصدر غذاء مهم، ويزيد من مخاطر سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
ومع اقتراب فصل الشتاء، وزيادة الحاجة إلى الإنفاق على التدفئة والملابس، يشكل ارتفاع الدجاج ومشتقاته، عبئاً إضافياً على ميزانية الأسر، ويدفع بالمزيد منها إلى الرزوح تحت خط الفقر.
فإلى متى سيبقى المواطن يدفع ثمن الفساد، وغياب الرؤى والتخطيط، ومحاباة التجار وحيتان السوق، على حساب لقمة عيشه وعيش أطفاله؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1250
سلمى صلاح